بشرى فيصل السباعي
بتحقيق مطول لمحطة «بي.بي.سي» البريطانية «5/سبتمبر/2018» بعنوان «Flowerboys and the appeal of ‹soft masculinity› in South Korea- فتية الزهور وجاذبية الذكورية الناعمة في كوريا الجنوبية» تناول التحقيق الشعبية العالمية الجارفة لفرق الغناء الكورية «K-pop» وتبين من دراسات للمتخصصين أنها نتاج ردة فعل متنفرة لدى الاناث مما تسمى بالمصطلح الغربي بـ»الذكورية السامة-Toxic masculinity» وهي الذكورية المتمحورة حول العنتريات والهمجية الخشنة العنيفة المتبلدة عاطفياً والعنصرية ضد النساء التي تروجها مواد الترفيه الامريكية والتيار اليميني والثقافات التقليدية والمواد الاباحية التي تؤدي لزيادة الاساءة والعنف بحق النساء، والاناث بكل العالم ينفرن من «الذكورية السامة» لأنها تشعرهن بالتهديد والمهانة والاختناق، وهذا مثَل فرصة لصناعة الترفيه الكورية التي يقوم عليها محترفون يدرسون الميول والتفضيلات العالمية، فقامت بقولبة نجومها ليصبحوا تجسيداً للذكورية البديلة الجذابة بكونها مضادة لصورة الذكورية السامة وجعلها تمثل صورة الذكر اللطيف العاطفي المرهف الحساسية الذي يرى الأنثى كشريكة مساوية له وليس كتابع دوني وغرض جنسي حتى ان فرقة « BTS» أشهر الفرق الغنائية الكورية عالمياً وغربياً عينت مختصات بالدراسات النسوية لمراجعة كلمات أغانيهم ومضمون فيديوهاتهم المصورة وبرامجهم لضمان أن لا يكون فيها ما يثير تحسس الإناث من الذكورية السامة، ولهذا عندما حصلت فضيحة تحرش لفرد في صناعة فرق الغناء الكورية كانت جميع عناوين الأخبار العالمية تتناول الخبر من زاوية أن هذه الفضيحة تهدد شعبية جميع الفرق الكورية عالمياً، لأنها تناقض صورة «الذكورية الناعمة» التي يفترض أن نجومها هم تجسيد لها وتفضح وجود ثقافة «ذكورية سامة» بالفرق الغنائية الكورية كبقية المجتمع الكوري، ولهذا بالمحصلة فسبب شعبية الكوريين عالمياً ليس فنهم ولا اشكالهم إنما أن البنات عندما يعكسن عليهم أحلامهن الرومانسية بالارتباط والزواج يمكنهن تصور الزوج ليس كسيد تخدمه ويضطهدها ويشعرها بالتهديد، إنما كشريك لطيف مرهف الحساسية ومتجاوب عاطفيا غير قمعي وغير همجي وهذه صورة ذهنية عاطفية جذابة بخاصة عند مقارنتها بصورة الرجل في ثقافات الذكورية السامة، وعلى سبيل المثال بمسلسل كويتي يقوم البطل الرومانسي بصفع البطلة التي يحبها علانية أمام الناس مع الكلام المهين لأنها وضعت قليلامن المكياج، فتبتسم بسعادة وهي تتحسس بحب أثر الصفعة على وجهها وتقول له إنها الآن فقط عرفت أنه يحبها حقاً! وفي بعض الأفلام والمسلسلات المصرية حيث البطل غالباً من فئة البلطجية يقوم البطل الرومانسي بالتحرش بالفتاة، فهل يمكن لهذه النماذج المفترضة للرومانسية بمواد الترفيه العربية أن تكون جذابة لأي أنثى؟ فهي مجرد ترويج للذكورية السامة المنفرة للإناث وهذا سبب كون مواد الترفيه الأجنبية ونجومها أكثر شعبية بالعالم العربي من العربية، وكون لا يوجد بلد في العالم يشتري مواد الترفيه العربية بل حتى قبل عرضها بالمجان بقنواته.