إبراهيم الطاسان
حينما كان الكتاب وسيلة نقل الخبر والمعرفة (التأريخ)، كان الناس يتلقون الركبان ليسمعوا منهم، أو يتناولوا منهم رسالة مكتوبة (خط) لأحدهم من أحد ما، فيركب راحلته بحثاً عن من يقرأ له الرسالة، وحينما ولد فكر العالم (ماركوني) عام (1901)م فأنجب الراديو، كانت الصحافة سبقته بقرابة (450) سنة، ورغم التنافس الطبيعي بين الوسيلتين فقد استفاد كل منهما من الآخر، ولكي لا ينفلت العقال ويخلط الحابل بالنابل وضعت الدساتير الاعلامية (ظهرت الخطوط الحمر) خاصة الصحافة؛ لأن الراديو في بداياته الرسمية كان حكومياً، وكانت خطوط فاعلة للحد من التجاوزات المنفعلة، وكانت تلك الخطوط ترسم بريش رؤساء التحرير، كصافرة حكم الساحة في كرة القدم بموجبها يوقف اللعب ليتخذ القرار.
إلا انهم في كرة القدم نزعوا شيئاً من سلطات حكم الساحة بالفار، وإن زعموا انه لمساندة الحكم، فانتقل الخلاف يدور في غرفة الفار، بينما الصحافة الورقية في الغالب الاعم في وطننا العربي التزمت بالخطوط المرسومة بألوانها المختلفة. فسبقها غيرها ممن ولد بعد تاريخ ولادتها بقرون (جميع اجهزة وتطبيقات التواصل الاجتماعي) يحق للصحافة أن تنافس الكل بإعادة تطوير تحقيق رغبات الكتاب لينافس بالمحتوى الساحة الاعلامية الحديثة، دون النزول لمستوى الإسفاف أو التجاوز الكثير والكبير في بعض الوسائل. فلم يعد هناك خطوط حمراء أو صفراء بوجود (تويتر) وفيس بوك وغيرها الكثير.
في دراستي للعلوم السياسية (النظرية السياسية) ان القرار كالنافورة تضخ المضخة الماء فيعود للحوض ليعاد ضخه, وكذلك القرار يصدر وتخضع نتائجة لدراسة آثاره ومدى قبول ورضى الناس عنه، وعلى ضوء ما تتوصل اليه الدراسة تعاد صياغته، فكأن الدراسة واعادة الصياغة فلترة للقرار، وهو الذي ارى ان الصحافة بحاجة اليه لتستعيد مساحتها بين افراد المجتمع، لانها الأوثق والأصدق والأقوى.