د. منصور المالك
رحلت عن مسقط رأسي الرس عندما كنت طفلاً صغيراً مع انتقال عمل والدي -حفظه الله وأطال في عمره- إلى الرياض. لكنني ظللت شغوفاً بالرس وكانت أسعد أوقاتي عندما نعود إليه في الإجازات الصيفية أو مناسبات الأعياد.
في الرس كنت أسكن في بيتي عمي عبد الله -رحمة الله عليه- لكني كنت أقضي كل وقتي في بيت والدي حمد -رحمة الله عليه- مع أقراني نلعب ونلهو وهناك في بيت والدي حمد الذي كان يمتلئ بأولاده وأحفاده كانت أم الجميع السيدة الفاضلة «أم خالد» ...
أم خالد هي خالتنا نورة بنت صالح الخريجي التي انتقلت إلى رحمة الله يوم الأربعاء التاسع من صفر عام 1443وهي آخر زوجات الوالد حمد بن منصور المالك - رحمة الله عليه.
عاشت أم خالد شبابها في خدمة والدنا ورعايته والاهتمام بأبنائه وبناته وأحفاده وضيوفه في بيت كبير كان يعج بالأبناء والأحفاد. كانت تعمل ذلك بلا كلل ولا ملل وبابتسامة لا تفارق محيَّاها.
وحتى بعد وفاة الوالد حمد وانتقالها للعيش مع أولادها في الرياض استمرت والدة الجميع في نفس الدور باستقبالها لأفراد العائلة والترحيب بهم والسؤال عن أحوالهم. كانت -رحمة الله عليها - تمتلك ذاكرةً قويةً وفكراً حاضراً تسألك حتى عن أولادك وأحفادك وبالاسم تبتسم طوال حديثها وتقص القصص وتأتي بالروايات والقصائد الشعرية القديمة حتى إنه يمر الوقت دون أن تشعر به مع روح طيِّبة لم تغيِّرها السنوات الطويلة. كانت محبةً للخير وكل ما جاءها من هدية تسعى إلى توزيعها بلهجة عفوية «عطوا فلان وأرسلوا لفلان». كانت تسرع إلى مساعدة المحتاجين والفقراء وهو ما تعودت عليه من أيام شبابها في معية زوجها الرجل الشهم الذي كان بيته مقصداً للصغير قبل الكبير وكان مقصداً للمحتاج، والفقير، والمهموم، والضعيف. في بيت الوالد حمد تدربت أم خالد ومن بيت الوالد حمد أصبحت أم خالد أماً للجميع.
نحمد الله ولا نقول إلا ما يرضيه.. إلى رحمة الله.. يا والدة الجميع.