رمضان جريدي العنزي
بعد أيام قليلة يحل علينا اليوم الوطني الـ91، وهو يوم مبهج وسعيد ويشعرنا بالانتماء والإباء والنماء والأمن والأمان والسلام، إنه الوطن الذي أخذنا نحو الحلم المغاير، أشعل في أرواحنا الحب، وزرع فيها خمائل خضراء، رائع هذا الوطن، وفي غاية الرهافة، استثنائي ونادر، عذب وشفاف، وثري بالأناقة والحسن والجمال، صلب وثابت بالرغم من الأمواج العاتية المتلاطمة.
كالمطر اللطيف هو، وكالعشب اليانع، وكالفراشة النادرة، كان يابسة، وعواصف رمل وأتربة، زمهريرًا وسموماً، وشجراً قديماً، كان سراباً، كان فجًا للصعاليك والحنشل، كان جوعاً ومرضاً وظمأ، كان فلاة موحشة، وأرضاً خالية، وفضاء مخيفاً، والناس كانوا في فيافيه حفاة رعاة، يتوجسون من بعض.. نهر عذب تحول، وحقل تفاح فسيح، صار فضة تلمع في القلب لتحيل الروح لبهاء، سيد الأوطان صار، نجمة في السماء، وقصيدة عامرة بالحسن والجمال، عطر مميز يدخل إلى أقصى شغاف القلب، غيمة حبلى، وسحاب مطير، طوق زهر، وحقل لوز، وبيدر حنطة، توت في آنية لامعة، ووشاح من الأقحوان اللطيف، حدائق ضوء، وأشجار دلفى، ونوافير ماء، وأغنيات من الحب والسلام، وكل شيء فيه على ما يرام، الظلال، الحديقة، الحمام، الأحلام، والأمان، ما عاد الذيب يعوي في الفلاة، ولا صراخ الحنشل يدوي في مضارب النائمين، رحلت تفاصيل الفوضى، وخمدت مزامير الخراب، أشرقت علينا الشمس، حتى عرفنا كيف نشرب قهوة الصباح ونحن حالمين، بعيني أبصر بأن هذا الوطن يلبس مشلح الزهاء، ويتوشق على صدره نياشين البهاء، ومنارة تضيء للعالمين فجوج الظلام، فلا تأخذكم شياطين الأنس إلى متاهات الخراب، أو تغويكم لكي ترتدوا على أعقابكم خائفين، هم يريدون لكم التشرد والمتاهة والضياع، ولا يريدون لكم النماء، عانقوا هذا الوطن، ولا تتركوه لمجاميع الأعداء، عانقوه لأنه فضة مضيئة، في عالم السواد، احرسوه، لأجله لا تناموا ولا يجيئكم الوسن، لا تتبعون عويلهم والصراخ، فهم كما الأعمى لا يفرق بين الحرير والقصب، ألفظوهم لقمة رديئة، وعلموهم بأن الوطن لا يمكن أن يكون أبدًا ممرًا سهلًا للخونة، وأعداء الدار، ارموهم بكلام يشبه السيف والحجر، وازأروا عليهم في الصباح وفي المساء، طحالب هم، توسدوا مخادع الأعداء، عيونهم ليست حالمة، ولا يعرفون طريق الانتماء والفداء، ويحاولون أن يزرعوا بهذا الوطن فخاخ التشرد والخراب، فلا هم وصايا عليكم، ولا أنتم لهم أصداء، اضبطوا جيدًا إيقاع قلوبكم على حب هذا الوطن، واحرسوه من جنود الضباع والضلال.