د. محمد عبدالله الخازم
في ذكرى اليوم الوطني اختار الاحتفاء بالرياض. غبت عدة سنوات عن الرياض المدينة، وأعود لها الآن لأجدها مدينة تتشكل لها هوية جديدة ربما لم يشعر بها بعض ساكنيها، لكن العائد بعد غياب يلحظ التغير على مستويات عدة؛ عمرانية واجتماعية وثقافية وإدارية وغيرها. مع الانبهار بسرعة التغيير أسجل بعض انطباعاتي حول بعض جوانب التغيير، وكثير منها لا يخفى حيث يوجد عمل إعلامي وترويجي كبير في إبراز التحولات والاحتفاء بها، على مختلف الصعد.
أعود للانطباعات، وأبدأ بالتغير العمراني فأشير إلى أن الرياض تشهد نقلة نوعية كبرى على مستوى الكم والنوع المعماري نشهده في الطرقات والأسواق والفنادق وغيرها من المعالم العمرانية. والأمر هنا مبهر، عند معرفة الظروف العالمية وتأثيرات فيروس كورونا والسرعة التي يتم بها الإنجاز وغيرها من المعطيات الإدارية والاقتصادية.
التغيير الاجتماعي ربما هو عنوان المرحلة، والأمر أكثر بروزاً وإبرازاً في المجتمع السعودي. كل من أناقشه يؤكد هذا الجانب ويتكرر السؤال الاستفهامي الإخباري المتباهي؛ هل لاحظت التغيير؟ هل لاحظت السيدات يقدن السيارات؟ هل لاحظت الشباب والشابات يعملون في كل مكان؟ هل لاحظت حساسية المجتمع إيجابياً نحو هذه التغييرات؟ وللجميع أعبر عن الفخر وأداعبهم؛ أحتاج تدريباً على استيعاب وتقبل هذه التغييرات التي كنت أسمع عنها، والآن أعيشها مقدراً وممتناً لقائدها.
التغيير الثقافي هو صنو التغيير الاجتماعي، ومن الملاحظات التي عززت التغيير الاجتماعي هو تطور ثقافة المجتمع نحو تقبل الاختلاف بين الناس في عاداتهم ولبسهم وممارساتهم اليومية. تجاوزنا ما كان يحدث أحياناً من التدخل في خصوصيات الآخر بحجج معينة. الأصل هو الإتاحة ولكل اختيار الطريقة التي يمارس بها حياته في تفاصيلها الاجتماعية والثقافية طالما لا يؤذي الغير ولا يعتدي على النظام العام الذي تراه الدولة. التغيير الثقافي تلحظه على مستوى الشارع والعمل والأسواق وغير ذلك. بل إنني ألحظ تحسن طريقة القيادة في الطرقات نحو مستويات متقدمة من الانضباطية والاحترام. بغض النظر عن مسببات التغيير ودوافعه ففي النهاية يهمني حدوثه وتحوله إلى سلوك يمارسه الناس.
مع كل ذلك ولأن حس الناقد الأكاديمي يرفض المغادرة دون طرح فكرة ما، فإن أي تغيير يحتاج استعراضاً وقراءة في خطه التصاعدي وآثاره، إلخ. إلى أين نريد أن نذهب بالرياض؟ هذا سؤال ربما حوته رؤية 2030 وتوجهات القيادة، لكن لا بأس من ندوة كبرى «الرياض: الحاضر والمستقبل» يصاحبها معرض الرياض وتناقش التغييرات وآثارها من ناحية التخطيط والخدمات والازدحام السكاني والهجرات وغيرها من التحولات بمختلف أنواعها. مثل هذه الندوات والمعارض تحتفي بالمنجزات وتوثقها بطرق علمية وتحفز ما نقوم به من أعمال وتساعدنا في بلورة التوجهات وتحث المجتمع على مزيد من التفاعل والتفهم لتلك التحولات...
تحية للقيادة التي تهدينا عاصمة جديدة بمباهجها وتطورها الحديث. وتقدير لأهل الرياض الذين تفاعلوا مع قياداتهم لصنع عاصمة عالمية متميزة. ودمت يا وطني في عز ورخاء.