في وطننا رجال سَمَوا بأفعالهم وجنود تفوقوا على أقرانهم، إنهم أسود البيد ورجال المواقف وأحفاد الأماجد، كانوا لوطنهم دروعاً حصينة ولمقدساتهم أسواراً منيعة، بهم نعتز وبروحهم وعزيمتهم نفاخر، تراهم في ميادين العزِّ صامدين، يقفون بثبات وعزيمة لنصرة الحق والذود عن حمى الوطن.
حنا بهم نفخر ونعتز ونزود
ونماري العالم على روس الأشهاد
أنتم ذخيرة موطن العز والجود
وأنتم أسود البيد وأحفاد الأجداد
سمو الرجال... رفع الله قدركم وأعلى منازلكم، إنكم باستبسالكم وتضحياتكم تحمون عقيدتنا، وتدافعون عن مقدساتنا وتذودون عن وطننا، فلكم من الدعاء أصدقه ومن الشكر أجزله ومن التقدير أعظمه، فلن نجد أشرف وأسمى من رجالٍ شجعان ضحوا بأنفسهم وبذلوا أرواحهم؛ لنعيش آمنين مطمئنين.
سمو الرجال... هنيئا لكم المجد، فقد تقلدتم أوسمة رفيعة تحملونها على صدوركم، فهذه الشهادة التي أكرم بها بعضكم وتلك الإصابة التي أصيب بها آخرون إنما هي أثر عبادة محبوبة عند الله تعالى، وهي منقبة لا يستحقها إلا من سمو بأفعالهم فكان ميدانهم ساحات القتال ومواطن النزال.
تستاهلون المجد والفعل مشهود
وتستاهلون المدح من كل قصاد
سمو الرجال... سيخلد اسمكم وسيبقى ذكركم وسيفخر بكم أحفادكم من بعدكم كما كان أحفاد الصحابة يفتخرون بمواقف آبائهم وأجدادهم، فقد أصيبت عينُ قتادة بن النعمان رضي الله عنه حتى وقعت على وجنتيه، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها بيده وردها إلى موضعها، فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظراً، فلما وفد الحفيد - عاصم بن عمر بن قتادة - على الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله سأله الخليفة من أنت؟ فقال:
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه
فرُدّتْ بكفّ المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول أمرها
فيا حسن ما عينٍ ويا حُسن ما رد
فقال الخليفة عمر بن عبدالعزيز:
تلك المكارمُ لا قعبان من لبنٍ
شيبت بماء فعادت بعد أبوالا
شكرًا سمو الرجال... يوم قضيتم أوقاتًا طويلة بعيدًا عن أهلكم وأحبابكم تذودون عن أوطانكم، وتدافعون عن أعراضكم، وتحمون مقدساتكم رافضين أن يقترب من وطنكم المحتلون، أو يدنسه الرافضة المشركون ولسان حالكم يردد بفخر وعزة وشموخ:
ولي وطن آليتُ ألا أبيعهُ
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
عهد به شرخ الشباب ونعمة
كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
شكرًا سمو الرجال على مكارم أخلاقكم، شكرا لإقدامكم وشجاعتكم، شكرا لوفائكم لإخوانكم في ساحات الوغى وإيثاركم لهم ولو على حساب حياتكم لقد أبيتم أن ينجو أحدكم ويحيا لوحده بل خاطرتم بأنفسكم وغامرتم بأرواحكم لإنقاذ إخوانكم من خطر داهم وموت محقق في قصص ومآثر تروى ستتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، فأبشروا بمنزلة عالية عند ربكم في جنات النعيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض).
هنيئا سمو الرجال... فأنتم في رباط وجهاد وفي ذروة سنام الإسلام واعلموا أن رباطكم في سبيل الله ليوم واحد أفضل وأعظم من الدنيا وما فيها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها)، وأن كل تراب أغبرت به أقدامكم سيكون حائلا من عذاب النار مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل (ما اغبرت قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسه النار)، وكل غُبار أزكم أنوفكم سيكون بإذن الله تعالى طارداً لدخان جهنم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم).
وتعالوا بنا جميعا.. نرفع أكفنا لربنا وتلهج بالدعاء ألسنتنا؛ ندعو لأولئك الجنود الأبطال والفرسان الشجعان والمرابطين الميامين، قائلين: (نصركم الله... وتقبل شهداءكم... وعافى جرحاکم)، آمين.
** **
- د. فهد بن منصور الدوسري