د. حمزة بن فهم السلمي
تحتفل المملكة العربية السعودية يوم 23 سبتمبر2021 باليوم الوطني السعودي الـ91، وهو اليوم التاريخي الذي أعلن فيه الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- عام 1351هـ/1932م توحيد البلاد. ويحظى احتفال هذا العام بأهمية خاصة بالنظر لما تشهده المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان من نجاحات كبرى في توجهها نحو المستقبل وتعزيز مكانتها ودورها الإقليمي والعالمي. فرغم الصعوبات والتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، تمكنت المملكة بفضل سياساتها وحنكة وحكمة قياداتها من قطع أشواط مهمة على درب تحقيق التنمية المستدامة والتموقع قاريا وإقليميا ودوليا. واستمرت مسيرة التقدم والتطور والنمو في مختلف المجالات، وعملت على الأسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد المباركة من التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية، والحفاظ على وحدة البلاد وتثبيت أمنها واستقرارها مع مواصلة البناء والسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة.
كما أكدت المملكة التزامها بجملة من المرتكزات والثوابت التي ميزت سياستها الخارجية دائماً وأهمها الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية وتعزيز دور المنظمات العالمية واحترام مبدأ السيادة والرفض الكامل والحاسم لأية محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية والدفاع المتواصل عن القضايا العربية والإسلامية ونصرة القضايا الإنسانية العادلة، والسعي الجاد لتحقيق التضامن العربي والإسلامي من خلال توحيد الصفوف ومواجهة المخاطر والتحديات فضلاً عن السعي لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم ورفض أية ممارسات تهدد الأمن والسلم الدوليين. كما التزمت الدولة بمكافحة التطرف والإرهاب بجميع صوره وأشكاله والتصدي بكل حزم. وأكدت قيادتنا الرشيدة أن المواطنين سواء أمام القانون ودعت إلى نبذ أسباب الفرقة والتمييز والانقسام والمساس بالوحدة الوطنية. وعلى الصعيد الاقتصادي تعتبر المملكة من أكبر عشرين اقتصادا بالعالم، وأكبر وأقوى اقتصاد بالشرق الأوسط، وأكبر مصدر للنفط بالعالم، وأكبر دولة مؤثرة في اقتصاد العالم وهو ما مكّنها من الدخول إلى مجموعة العشرين الدولية ورئاسة قمة العشرين في 2020 تأكيدا لمكانتها المحورية عالمياً، ولزعامتها للعالم الإسلامي والتزامها الأخلاقي والإنساني وللدور الكبير والمؤثّر للقيادة الحكيمة محلياً وعالمياً، التي أثبتت للعالم أنها الأقوى والأنجح في قيادة الجهود الدولية على جميع الأصعدة والتعامل مع الأزمات في أصعب الظروف وخاصة في جائحة كورونا. وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها خلال هذه السنوات حققت المملكة إنجازات استثنائية بإقرار وتنفيذ رؤية سمو ولي العهد الطموحة 2030 التي انطلقت ببرامج عديدة في ثلاثة محاور: مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وخلال خمسة أعوام حققت الرؤية نجاحات على صعيد المحاور الثلاثة فقد شهد محور المجتمع الحيوي تقدما بإعادة هيكلة القطاع الصحي وتسهيل الحصول على الخدمات الطبية. وشهدت منظومة الثقافة وضع إستراتيجية كاملة وانطلاقة قوية للفعاليات ورفع عدد المواقع الأثرية المسجلة عالميًا وتضمينها لدى مؤسسة اليونسكو وتم إطلاق عدة مبادرات للحفاظ على البيئة واستدامتها منها السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر والاقتصاد الدائري للكربون. بالإضافة إلى خدمة ضيوف الحرمين الشريفين من خلال التوسع في منظومة الخدمات.
كما حقق محور الاقتصاد المزدهر مستهدف 2030 لمشاركة المرأة في القوى العاملة في عام 2020 وتمكينها من حقوقها وتحقيق طموحاتها وآمالها. كما تضاعفت أصول صندوق الاستثمارات العامة بشكل كبير ونمت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، وارتفعت مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي وتم إطلاق برامج رائدة منها صنع في السعودية و شريك والاستثمار التعديني. بالإضافة إلى إطلاق عدة مبادرات في مجال الاقتصاد الرقمي وضعت المملكة في المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين والمركز الأول عالميا في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس والمرتبة السادسة ضمن مجموعة العشرين في المؤشر العالمي للأمن السيبراني.
وأخيراً حقق محور وطن طموح الارتقاء بالأنظمة والخدمات حيث تم إصدار أكثر من 197 تشريعًا في مختلف المجالات، ورفع معدل نضج الخدمات الحكومية الرقمية إلى 81.3%. كما شهد المرفق العدلي والهيئات القضائية نقلة نوعية في تاريخ القضاء السعودي بتفعيل دور محاكم التنفيذ، والعمل على التحول الرقمي للخدمات التوثيقية والأعمال القضائية، وتفعيل التقاضي الإلكتروني. وعلى صعيد تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ترسخت ثقافة المحاسبة على مستوى الجهاز الحكومي والمواطن. كما واصلت الدولة جهودها في تنظيم العمل التطوعي والخيري من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة ومنصة إحسان. وفي مجال التعليم فقد وفرت المملكة كل الإمكانات والمتطلبات اللازمة لرفع جودة التعليم وزيادة فاعليته ورفع مستوى منسوبيه وإكسابهم المهارات المطلوبة.
ختاماً وفي هذا اليوم الوطني المبارك فإننا نفتخر بما حققته قيادة المملكة من مكانة دولية وإسلامية وعربية ودور مؤثر في تحقيق السلم والأمن الإقليمي والدولي وإنجازات اقتصادية وتنموية ونسأل الله أن يحفظ وطننا ويديم أمنه واستقراره ومجده في ظل القيادة الرشيدة.
** **
- رئيس قسم القانون العام بجامعة جدة