كان حقاً علينا أنْ نمْتَطي صهوةَ القلم، وأنْ نتسلحَ بسهمِ التعبير، وأنْ نمتشقَ سيف الكتابة؛ وذلك في سبيل الدفاع عن هذا الوطن الذي تَدَفَّقَتْ نحوه فيالق المارقين، وانجرفتْ اتجاهه سيول الحاسدين؛ فنبني من الكلمةِ سداً بحروفِ (الولاء)، وبنقاط (الطاعة)، وبتشكيلِ (الإذعان)، وكان حقاً علينا أنْ نُلْبسَ الحرف ثوب البهجة، وأن نكسي الكلمة برداء السرور؛ في يوم (الوطن) وعلى ذكرى توحيده، نجدد الفرحة بشكر المنعم، ثمَّ بذكر أفعال المؤسسِ ودوره وبطولاته وسلسلة النجاحات المتوالية لأبنائه من بعده، غفر الله لمن قضى منهم نحبه، وأدام الصحة والعافية لمن بقي بعده، نزرعها (رسائل) في (حقول) العقل البريء، ونبذرها (كلمات) في (تربة) الفكر الناشئ؛ لنقطف منه غداً ثمرة حب الوطن، ونجني بركة تلك السواعد لتنهض بوطنها، وتجدد مجدها، وتصنعُ الفارق في العبور به لمصاف الدول المتقدمة؛ حيثُ جنَّدتُ قلمي، وعَسْكرتُ بجيش حروفي، فأطلقتُ (رسائل) تستهدف تلك العقول التي خملت أو تخاذلتْ أو تناست قيمة أوطانها، وغاب عن الوعي بمعنى الاحتفاء بهذا اليوم الأغر.
وها هي بين أيديكم باسقة صادقة:
الوطنُ جنـةٌ أنتم أهلها وساكنوها، فكلوا منها حيثُ شئتم رغداً، ولا يُخرجنَّكم منها (تفكير مُنحرف) أو (جماعة متطرفة) أو (تنظيمٌ تخريبي) فإنهم يرونكم من حيث لا ترونهم، بل إنهم يتسللون منكم لواذا.
الوطنُ (شجرةٌ) تؤتي أُكُلها كل حين بإذن ربها نمتْ على أرض التضحية حتَّى أينعتْ بثِمارِ العطاء والنماء، فاسقها بماء وفائك، وارعها بفيضِ دعواتك، وتعاهدها بلسانٍ ذاكر، وقلبٍ شاكر، وقم على عنايتها من رياح المُدْحضين، وعواصف المُخربين، واحمها من أفكارهم المُجدبة، وتصرفاتهم القاحلة؛ وإلاَّ وكيف يرمون شجرة العطاء بحجر التَّطرف، وبارود الغلو والتخلُّف، هذا وبالرغم من أنه يرمي لهم أطاييب ثمار المُناصحة، وأزاهير المفاهمة.
فاعلموا أنَّها ظلُّكم إذا أحرقتكم شمس الأعداء، واشتعلتْ بكم نيرانُ المناوئين، فأمطروها بولائكم، وتباشروها برعايتكم.
الوطن نورٌ سماويٌ على أرضه تبرزُ النفوسُ الأبيّة في صناعةِ المعجزات، وتتسابقُ لبلوغ الغايات، فتعلو ولا يُعلى عليها، إذ إنَّها تمخَّضتْ مِنْ رحم التجارب، وتولّدتْ على قيد الصبر، ونشأتْ في ميدان الهمم فبَلَغَتْ من النجاحِ عِتيّا، فردّدتْ:
الله أكبر يا موطني.
الأخيرة
لكلِّ مؤسساتنا الحكوميَّة، بقطاعاتها كافة، لمُديريها، موظفيها، طلابِها، كتابِها، دعاتِها من يعيشون فوق هذه الأرض الطاهرة آباء، وأمهات، وأبناء، وقبائل، ورجال أعمال، وأصحاب فكر الوطنُ أمانة ادفعوا عنه ما يُثقل الأسماع، وأزيحوا عنه ما يُشوه الأبصار، وزينوه بقولكم، وجمِّلوه بولائكم، وأغدقوه بعبارات الثناء القلبيَّة عيشوا فرحة يومكم الوطني مُستشعرين تلك الذكرى العصاميَّة، وتلك الحُقبة البطوليَّة.
أحيوها في أبنائكم صغارا؛ لكي تبقى هي هويتهم كبارا.
** **
- بدر الروقي