تتجدد قيمة اللحظة التاريخية بمقدار حضورها المتجدد في كل آن، وبمدى تفاعلها مع صور استلهامنا لها، وإذا كانت هذه اللحظة تمثل - فيما تمثل- روح شعب، وتوحد أمة، وانطلاقة إنسان، فإنها لحظة جديرة لأن تتكرر في أعمارنا ومصائرنا، لحظة تخفق في راياتنا، وفي أوتار حناجرنا، لتبعث، وتؤسس، وتدفع، وتنجز.
واللحظة الماثلة للعيان دوماً، والتي لا تبارح ذاكرة الشعب السعودي، هي لحظة إعلان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - توحيد البلاد في هذا الكيان الشامخ، الذي أصبح فاعلاً على كل المستويات الإقليمية والعربية والإسلامية والدولية، ومشاركاً في صنع الحضارة الإنسانية المعاصرة، وليكون أول الميزان الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر 1951هـ هو اليوم الوطني المجيد، ليكون ذكرى وطنية في كل عام، لنظل نستحضر بطولة الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وبطولة رفاقه الذين وحدوا هذا الكيان تحت راية التوحيد الخالدة.
إن هذه اللحظة تجعلنا نستحضر المسافة الزمنية الشاقة التي قطعها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ومعه رفاقه الأبرار ما بين فتحه للرياض، وما بين إعلانه لليوم الوطني، فنشارف ملامحها، ونستجلي وقائعها، فتغمرنا غبطة الماضي، وروعة الحاضر، وآمال المستقبل، ولذا فإن الوعي الإنساني الناجع هو الذي يتحرى صورته عبر المنجز التاريخي، وعبر الترابط الفيزيقي مع محسوساته، وعبر الالتفات إلى ما تم إنجازه وما يتم التفكير به. والشعب السعودي المخلص النقي، إذ يحتفل باليوم الوطني الـ 91، فإنه يجدد دماء لحظاته البهية، ويسعى لابتكار مواقيته الخصوصية في عالم متقلب، تشي أحداثه بالتناحر والتناكر والتبعثر، وهذا ما يدفعنا للحفاظ على قيمنا ومثلنا ورموزنا الوطنية، ويدفعنا للتطوير الدائم في كل مجالات حياتنا، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- وتحت راية التوحيد، كلمتنا واحدة، وغايتنا واحدة، متراصين متكاتفين، ليستمر هذا الكيان معطاء مثمراً ورائعاً روعة البطولة التي قام بها الملك المؤسّس عبدالعزيز ورفاقه، روعة هذا الشعب الذي حافظ على هذا الكيان ورعاه ونماه، وبروعة المستقبل الذي نتطلع إليه ونستشرف ملامحه في ظل الرؤية السعودية 2030.
وأخيراً بروعة هذا التلاحم بين القيادة والشعب.. وبين أطراف هذا الكيان في لحمة واحدة لا يمكن لأية عوامل أن تضعف منها.
إن تمثّل اللحظة التاريخية، يعني أننا نؤصل لذواتنا في صفحات الحضارة، كما يعني أننا جديرون بتحمل جلال الماضي، وأننا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، من أجل البناء والتطوير والتقدم وتثقيف وجداننا الإنساني بكل معاني الخير والوفاء والمحبة، نزوعاً إلى الدخول إلى رواق لحظتنا الراهنة التي نحتفي فيها بيومنا الوطني الـ91.
** **
ياسر بن عبدالله آل شملان - مدير مستشفى وادي الدواسر