د.عبدالعزيز العمر
في هذا العالم الذي يموج ويضطرب اليوم بمتغيرات متعددة وقضايا معقدة لم يعد ممكنًا أن يتفق الناس على حقائق الظواهر والأشياء، وخصوصًا في المجال الإنساني الاجتماعي. فما هو حقيقة في ثقافة بعينها قد لا يكون حقيقة في ثقافة أخرى، وفي الغالب يكون للمجتمعات المتقدمة معاييرها الخاصة التي من خلالها يتم الفرز بين ما هو حقيقي وما هو خرافي. مفكرو المجتمع الغربي وضعوا معايير لتحديد الحقيقة، ومن أهم تلك المعايير المنفعة والفائدة، فالشيء يكون حقيقيًا بقدر ما يحقق من فائدة ومنفعة للناس، ففي التعليم -مثلاً- يجب ألا نضيع وقتًا في تعليم الطلاب أما لا يحقق لهم الفائدة والمنفعة المباشرة، شريطة ألا تكون المنفعة مستقبلية، بل منفعة حاضرة وآنية.
وفي العموم المفكر الغربي يقرر الحقيقة من خلال اللجوء إلى العقل، فالعقل هو السلطان، وهو المرجع الوحيد لتقرير ما هو حقيقة وما هو خرافه. وهو- أي المفكر الغربي- في سبيل الوصول إلى الحقيقة يوظف مبادئ المنطق ومناهج علمية مثل منهج الاستقراء والاستنباط والتحليل والنقد. أما في المجتمع العربي فالحقيقة تتشكل الحقيقة لدى كثير من الناس من خلال ما يقوله شاعر أو فيلسوف أو ما يقوله خطيب مفوه أو داعية أو أديب يتلاعب بألفاظ باللغة.