عبده الأسمري
لا نزال نعاني مشكلة أزلية تتعلق بسوء الفهم وإساءة التعامل بشأن العديد من «المفاهيم» سواء فيما تتعلق بالفرد أو المجتمع.. والأدهى والأمر من ذلك عندما يرتبط «المفهوم» بالهوية والقيمة وبالسمعة والمسؤولية حينها لا بد من حضور «النظام» ليقول كلمته ويفرض سطوته وحلول «العقاب» ليفرض بنوده ويوظف لوائحه إذا ما تجاوزت العقول حدود «اللامعقول» وتم ارتكاب «سلوكاً» يسيء لمجتمع بأكمله..
ما حدث في احتفالات اليوم الوطني من تصرفات مشينة ومسيئة تمثلت في أحداث من الضوضاء والشغب والتحرش وتجاوزت ذلك إلى الإساءة لرجال الأمن وأيضا قد وصل الأمر إلى إحداث حالة من «الفوضى والرعب والذعر» للمارة وحتى للساكنين المجاورين يؤكد أن هنالك «غباء» و»جهلا» و»عتة» تحت مفهوم «الحرية» وفي إطار «الاحتفاء» وتحت مظلة «الفرح» ولكن التفسير لا يتجاوز «سفاهة وانعدام ذوق وقلة أدب» ظهرت لتجعلنا أمام حالات قد تتطور إلى «ظواهر» ما لم يتم تقييد تلك السلوكيات وتحييد تلك التصرفات وإنزال كل العقوبات القاضية بإعادة الاعتبار للمجتمع وللهوية وللقيم وللمناسبة..
للحرية ضوابط تضمن الانضباط وتمنع التفريط وتؤكد الضبط وترفض الإفراط من منطلق الشرع وتحت سلطة النظام وفي حدود المنطق وأمام معنى الهوية.. فإذا تجاوزت تلك «الحرية» أسوار «المألوف» إلى ساحات «الغوغائية» وتعدت حدود «الطبيعة» إلى منحنيات «الغي» واجتازت مناطق «المسموح» إلى متاهات «الممنوع» فإنها بذلك «جريمة» مكتملة الأركان يعاقب عليها القانون..
في ظل جهل مجتمعي غارق في البؤس توقع بعض «الصبية» وأجزم أن معظمهم لا يعرف تاريخ توحيد البلاد ويجهل أسماء المناطق الإدارية فيها ولا يعرف عن إرث وطنه شيئاً أن الاحتفال يعني أن تتجول في الشوارع حاملاً «علم» وطن لا تعي هويته وترفع «راية» دين لا تحترم قيمته فحدث ما حدث من التشويه والسفه الذي حول «الميادين» إلى «مواقع» تفريغ لمرضى نفسيين وسفهاء بائسين يبقى «الوطن» بريء منهم ومن تصرفاتهم الفردية.
هنالك من يتربص بنا «الدوائر» ويحيق بنا «المكر» ويدبر نحونا «المكائد» ويجهز حولنا «المصائد» فجماعات «الإفساد» ومجاميع «الحسد» وخلايا «الحقد» تخطط في «الظلام» وخلف «الحدود» وهمها الأول والأخير فصل الأجيال عن العقيدة الإسلامية وهدفها الأمثل والأحب تشويه الجاهلين للهوية الوطنية.. وقد وضعت تنفيذ «الأجندات» بأيدي «الشباب» و«الفتيات» وحتى «الأطفال» حتى يظل الصراع قائماً بين موجات «قادمة» بفكر مختلف ومجتمع يؤمن بعقيدته ويسمو بوطنيته ويعتز بهويته.
الحرية «مطلب» ينطلق من «الحقوق» المكفولة بالشرع والمشمولة بالنظام ولكن إساءة استخدامها «مخلب» يشوه جسد «القيم» ويسيء لمعنى «التربية» لتحل «عقبات» الأخطاء التي تصنعها إساءات «الأهواء» وتنتج «عواقب» النتائج التي تفرزها سوءات «السفهاء»!!
يظن بعض الشباب والفتيات أن تغيير الهيئة سواء في الشكل أو الملبس أو «التصرف» أو السلوك «حرية» يكفلها له «النظام» منطلقين من التغير الحياتي والتغيير الاجتماعي ولكنهم تناسوا أن الاحتفال بالوطن عنوانه «الأدب» وتفاصيله «التهذيب» ومحتواه «التأدب» في الفرح و«الاتزان» في البهجة..وتجاهلوا أن الاحتفاء يعني أن نعكس الصورة المشرفة للوطنية التي تحتم على كل «مواطن» أن يكون مثالاً للهوية السعودية التي تنظر إليها «الشعوب» أنها «أنموذجاً» للقيم و«مثالاً» للتقييم.
الأماكن العامة والميادين والشوارع والطرقات وكل الأماكن تكون فيها الواجبات والحقوق في ميزان واحد للجميع تقتضي أن يلتزم كل موجود فيها الحفاظ عليها والمحافظة على الآداب العامة والالتزام بالذوق العام وإن كان يريد حريته الشخصية فليمارسها بعيداً عن «إيذاء» الآخرين وبمنأى عن «الإساءة» للغير.. وليعلم من وقع في الأخطاء أن «حرية» البشر الماكثين في نفس «الأماكن» تقتضي سلامتهم وحمايتهم ووقايتهم من كل «تصرفات» الجهل ومن شتى «سلوكيات» السفه حتى نحافظ على مجتمعنا ونحتفظ بقيمنا وطبيعتنا التي تتشرف وتفتخر بمنهجها الشرعي وتسمو وتعلو بنهجها الوطني.