أ.د.محمد بن حسن الزير
يمثِّل اليوم الوطني للسعودية قيادةً وشعباً وطناً ومواطناً (رمزاً عميقاً) لمعنى (الوحدة وللتوحيد، وللأمن والأمان) وللرخاء والاستقرار، وللبناء والنماء، وللعلم والتنور، وللتقدم والازدهار، وللتطور والابتكار، ومزاحمة السابقين الكبار في ميادين الحضارة والعمران، في ثقة وقوة واطمئنان، وفي طموح وتطلع إلى الأمام بلا حدود، وهذه حقيقة واقعة مشهودة للعيان، ووجودها الحيّ، الذي نعيشه في الحاضر هو الدليل والبرهان.
وهذا اليوم بما يمثّله من المعاني والحقائق اليوم هو ثمرة لتاريخ حافل من الجهد والجهاد، والتعب والنصب والمكابدة والتضحية والفداء من رجال أوفياء من أبناء هذا البلد العظيم، قادهم، عبر سنوات عديدة، وخلال محطات صعبة شديدة، قائد فذ عظيم؛ هو الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، طيَّب الله ثراه، الذي وجد نفسه تحمّل هم تحقيق الهدف السامي العظيم، فآل على نفسه، أن يبذل النفس والنفيس، ليصل إلى مبتغاه في تحقيق هذ الهدف؛ مهما واجه في سبيل ذلك من مهالك، أو تخطى في بلوغه من ليل حالك؛ فقد كانت همته العالية، وبصيرته المستنيرة، وحكمته البالغة، وحنكته الحازمة، المستندة إلى عقيدة راسخة، وعمل صالح، تاريخ مجيد لأسلاف صالحين، وإيمان بالله وثقة في عونه ونصرته، هي السلاح النافذ، والأداة الفعَّالة، ثم تواصلَ عطاؤه في عقبه الصالح، من أبنائه وأحفاده الأبرار.
أيها السعودية العظمى، وطناً ومواطناً قيادة حكيمة واعية وفيَّة مخلصة، وشعباً وفياً واعياً مخلصاً، هنيئاً لكِ يومك العزيز، وذكراه الغالية، ودلالاته العظيمة، أدام الله عزك أيها الوطن، وحقق لك أهدافك وما تسمو إليه من خطط طموحة بلا حدود، ومشروعات عملاقة في كل ميدان، تقوم على رؤية ثاقبة شاملة، لا حدود لمجالات آفاقها الحالمة، وجعل التوفيق والنصر حليفك، وسدد على المدى رؤيتك، وبلغ بمسعاك إلى مبتغاه، ورعاك في مسيرتك الخيرة القوية، غير خاضع للشدائد والصعوبات، وغير عابئ بالموهومين والعداة؛ ممن يكبرون في أنفسهم، سائراً في طريقك، دون اكتراث بالناعقين أو البغاث.
هنيئاً (لكِ بكِ) لُحمة قوية فريدة (وطناً وقيادةً وشعباً ومنهجاً وسياسة)؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لك قيادتك المخلصة الخبيرة الماهرة الحكيمة ذات الرؤية والحزم والشجاعة والعزم؛ قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومعاضدة سمو ولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حفظهما الله تعالى؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لك خدمتك للحرمين الشريفين، وما فيهما من مشاعر مقدسة، ورعايتها، وتعظيم شعائر الله فيها، وتأمين أمنها وأمانها، وتيسير السبل إليها، وتأمين الإقامة في ربوعها، والدفاع عنها، وبذل الجهد المتواصل لتطويرها وتوسعتها، وديمومة تواصل المشروعات المدروسة لخدمة مرافقها وتجديدها نحو الأفضل باستمرار؛ فأنت بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ قيادتك المتميزة، وريادتك الفاعلة لعالمك الإسلامي، والعناية بمشكلاته وخدمة قضاياه، ورعاية المسلمين بخاصة والعناية بهمومهم واحتياجاتهم أينما كانوا، والعناية بمشكلات العالم بعامة؛ فأنتِ السعودية صاحبة الرسالة العالمية، فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ قوتك العظمى وأهميتك الكبرى على مستوى ما تملكينه من الطاقة الروحية العظيمة النابعة مما في ربوع أرضك المقدسة من مهابط الوحي، ومن الكعبة الشريفة قبلة المسلمين في العالم، ومن الحرمين الشريفين، ومشاعر الركن الخامس للإسلام، مهوى أفئدة مليار ونصف مسلم في العالم، كلهم يفدونك يقبلون عليك، استجابة لنداء أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام، كما قال تعالى: {وأذّن في الناس بالحج يأتوكَ رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كلِّ فجٍّ عميق} الحج 27. أيتها السعودية أنت الأقوى والأعلى بإيمانك، ثم بقيادتك، وبشعبك، وبمكانك ومكانتك، وبإمكاناتك المتنوِّعة، وبمركزيتك الواضحة، وتأثيرك المشهود؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ ما تنفردين به من أن دستورك هو (القرآن والسنة)؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لك ما تحظين به من حب (الخيِّرينَ لكِ) غير أبنائك وهم كثير كثير؛ فمن أحب الإسلام وأخلص في اتباعه يحبك بصدق وإخلاص. من أحب الحرمين الشريفين يحبك بصدق وإخلاص، من أحب الإنسانية وحب الخير والعطاء، ومد يد العون والمساعدة للمنكوب والمحتاج، كما هو عمل «مركز الملك سلمان للإغاثة ولأعمال الإنسانية» التي تمتد يده الطولى إلى أكثر من (70) دولة في العالم؛ إسلامية وغير إسلامية، يحبك بصدق وإخلاص؛ ومن أحب (السلم والسلام، والأمن والأمان، وأهل النوايا الخيرة، وحفظ العهود والعقود) وعدم الاعتداء على الآخرين جيراناً وغير جيران، أحبك بصدق وإخلاص؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
هنيئاً لكِ أنكِ أنتِ الدولة الأولى الأكثر أماناً للسفر في الشرق الأوسط، والسادسة في ذلك على مستوى العالم؛ وهنيئاً لك ما أنتِ عليه من وسطية وتوازن واعتدال، ونبذ الكراهية والعنف، وما تقومين به من التصدي الحازم المستمر لمحاربة (الفكر المتطرف وما ينشأ عنه من ظلم وعدوان، وما يحمله من جماعات طائفية وميليشيات إرهابية) ودعوة المجتمع الدولي إلى الوقوف في وجه ذلك كله بقوة وحزم؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئا لكِ ما أنتِ فيه من تقديم مصلحة المواطن وسلامة الإنسان مواطناً ومقيماً مهما كلَّف ذلك من أثمان وتدابير وقرارات وإنفاق؛ وما تجربة جائحة (كورونا منا ببعيد)؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لك ديدنك في العمل لصالح الوطن والمواطن، واستمرارك في طريق العدالة والإصلاح، ومحاربة الفساد؛ وتطوير مرفق العدالة والتقاضي من خلال ما شهدته وزارة العدل من تطوير مستمر، كان من ثمرته تقديم خدمة التقاضي الإلكتروني لتحقيق العدالة الناجزة، وتم الربط الإلكتروني للقضاة والبنوك والداخلية وعقد الجلسات من بعد؛ وبخاصة خلال أزمة (كورونا) وتم إجراء (55000) قضية ترافع، وإصدار(400000) حكم وقرار ... إلخ؛ مما أدى إلى تحسين الأداء القضائي والمحاكم؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ رؤيتك العلمية العملية المنهجية الطموحة، وهنيئاً لك ما تشهدينه اليوم من التقدم التقني والتحول الرقمي الذي يمثِّل بوابة الانطلاق والتقدم في الحاضر والمستقبل، فأنت السعودية المتقدمة؛ فأنت الأولى في قطاع الاتصالات الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، والتاسعة على مستوى دول العشرين، وفيك أحد أكبر (10) حواسيب في العالم، يتمتع بقدرة فائقة تصل إلى (55) بيتا فلوب، تمتلكه أرامكو وتستعين به في اكتشاف الغاز، على سبيل المثال، كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي، والاستثمار الرقمي، والدخول في المشاريع الرقمية، والعناية بالبنية التحتية في هذا المجال، التي أخذت تؤتي أكلها على طريق التقدم الاجتماعي والصحي والعلمي والثقافي، وجودة الحياة للمواطن والوطن؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لك أهميتك على مستوى الطاقة التقليدية، ودورها في الاقتصاد العالمي، وكما قال خادم الحرمين الشريفين: «وتحرص المملكة على تعافي الاقتصاد العالمي، وهو ما يتجلَّى في الجهود الريادية التي بذلتها، بالتعاون مع شركائها في تحالف أوبك بلس، وفي إطار مجموعة العشرين، لمواجهة الآثار الحادة التي نجمت عن جائحة كورونا، وذلك لتعزيز استقرار أسواق البترول العالمية وتوازنها وإمداداتها، على نحو يحفظ مصالح المنتجين والمستهلكين» وكذلك أهميتك على مستوى الطاقة المتجددة، التي تساهم في إنقاذ الأرض من آثار انبعاث الغازات الضارة لبيئة الأرض، وارتفاع حرارة الأرض؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ سياستك المدروسة المتزنة المتوازنة، التي قال عنها خادم الحرمين الشريفين في كلمته، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها (76): «.. فإن السياسة الخارجية للمملكة تولي أهمية قصوى لتوطيد الأمن والاستقرار، ودعم الحوار والحلول السلمية، وتوفير الظروف الداعمة للتنمية والمحققة لتطلعات الشعوب نحو غد أفضل» وقال: «نؤكد على أن السلام هو الخيار الإستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط، عبر حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. إن مبادرة السلام في اليمن، التي قدمتها المملكة في مارس الماضي، كفيلة بإنهاء الصراع وحقن الدماء ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني الشقيق، وللأسف ما تزال ميليشيات الحوثي الإرهابية ترفض الحلول السلمية، وتراهن على الخيار العسكري للسيطرة على المزيد من الأراضي في اليمن، وتعتدي بشكل يومي على الأعيان المدنية في داخل المملكة، وتهدد الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة الدولية. وتستخدم ميليشيات الحوثي معاناة الشعب اليمني، وحاجته الملحة للمساعدة الإنسانية، والمخاطر الناتجة عن تهالك الناقلة صافر، أوراقاً للمساومة والابتزاز» وقال يحفظه الله:».. تلتزم المملكة دوماً بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، وتحترم السيادة الوطنية لجميع الدول، وتؤكد على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية. وتحتفظ المملكة بحقها الشرعي في الدفاع عن نفسها في مواجهة ما تتعرض له من هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والقوارب المفخخة، وترفض بشكل قاطع أية محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية» فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ استقلالك في القرارات، والقوة في الخطوات، والاعتماد على الله وحده ثم الاعتماد على الذات؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وهنيئاً لكِ أنكِ إحدى أهم دول العشرين على مستوى العالم، ونجاحك الباهر المتميز في رئاسة قمة العشرين، في ظل جائحة الكورونا، وقيامك بدور حيوي، وكما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها (76) التي قال فيها: «.. إن ما يواجه المجتمع الدولي اليوم من تحديات يتطلب تعزيز التعاون الدولي متعدد الأطراف. فقد أثبتت جائحة كورونا أن الطريق للتعافي المستدام يعتمد على تعاوننا جميعاً في إطار جماعي. وقد قامت المملكة العربية السعودية بدور حيوي في قيادة الاستجابة العالمية لهذه الجائحة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، ودعمت المملكة الجهود العالمية لمواجهة هذه الجائحة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي، إضافة إلى تقديمها 300 مليون دولار لمساعدة جهود الدول في التصدي للجائحة. ورغم الصعوبات الاقتصادية، فإن المملكة العربية السعودية مستمرة في الالتزام بدورها الإنساني والتنموي الكبير في مساعدة الدول الأكثر احتياجاً وتلك المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية. وهي أكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية على المستويين العربي والإسلامي خلال عام 2021، ومن أكبر ثلاث دول مانحة على المستوى الدولي».
كما كان استخدام التقنية العالية والذكاء الاصطناعي في إدارة القمة بتميز وحكمة، دليل على هذه المكانة المستحقة؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى.
وحينما يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان: «إذا شفتوا شيء يضر بمواطن أو بأفراد أو بقبيلة أو ببلدة أو أي شيء كان.. أبوابنا مفتوحة، تلفوناتنا مفتوحة، أذني صاغية لكم، والله يحييكم، ومجالسنا مفتوحة لكم!»؛ فأنتِ بذلك السعودية العظمى. وحينما يقول سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «.. أنا واحد من عشرين مليون نسمة، أنا لا شيء بدونهم..»فأنتِ بذلك السعودية العظمى. هنيئاً لكِ وتحيةً وتقديراً أيتها السعودية الرائعة العظمى! ولكِ التهنئة والتحية في يومكِ الوطني؛ ولكَ التهنئة أيها المواطن السعودي الرائع قائداً وشعباً، وكم أنتَ عظيم! وكم أنتَ محظوظ ...! دُمْتَ مرفوع الرأس!
** **
- أستاذ اللغة العربية وآدابها