محمد سليمان العنقري
عقدت جلسة حوارية للكشف عن تفاصيل وأهداف ومبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية ضمت وزراء الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وكذلك التعليم وأيضاً الصناعة ورئيس هيئة تقويم التعليم وقد تم إيضاح تفاصيل في غاية الأهمية لمستهدفات البرنامج الذي يعد شاملاً لكل التفاصيل التي تحقق الهدف منه وإيجاد المواءمة بين مخرجات التعليم والتأهيل وسوق العمل مع الأخذ بعين الاعتبار التحول للتأهيل وفق معطيات ومتطلبات عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وقد راعى البرنامج معالجة تنمية القدرات البشرية من سن مبكرة أي مرحلة ما أصبح يطلق عليها الطفولة المبكرة بقصد رفع نسبة الملتحقين بالمدارس المتخصصة بهذه السن بنسبة ستصل كهدف إلى 90 في المائة عام 2030 إضافة إلى التعليم والتأهيل الدائم لمختلف الأعمار والفئات بحيث تتطور مهارات الموظفين وهم على رأس عملهم ويستطيعون تحسين ظروفهم الوظيفية والمعيشية بعد اكتساب مهارات وشهادات تؤهلهم لذلك وهذا التوجه يعد ركيزة مهمة في رفع مستوى إنتاجية الموظف وكسر الجمود والروتين بحياته الوظيفية ومواكبته لتطورات العصر الجديد ومعطياته الحديثة بالتشغيل والإدارة ولذلك عامل مهم في تحسين دخله ودوره بالاقتصاد إنتاجاً واستهلاكاً.
لكن قد بكون اللافت من بين الأهداف ما ذكره معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي «أن البرنامج يهدف إلى حصول 80 في المائة من المواطنين على الفرص الوظيفية المناسبة خلال 12 شهراً من تخرجهم، ورفع نسبة التوطين في الوظائف عالية المهارة إلى 40 في المائة» ولعله من أهم الأهداف تحقيق مثل هذه النسب مستقبلاً فحجم استثمارات الدولة بتأهيل الشباب من خلال مؤسسات التعليم العام والعالي والمعاهد المهنية ضخم جداً وكلما تم تشغيل الخريجين بوقت قصير فهذا من معايير جودة وكفاءة الإنفاق والاستثمار بتعليم الأجيال حيث تتجاوز تكلفة الطالب خلال رحلته التعليمية حتى تخرجه من الجامعة ما يفوق المليون ريال وقد تزيد إذا كان تخصصه بمجالات الطب والهندسة ذات السنوات الأطول دراسياً والأعلى كلفة فكل تأخير بالدخول لسوق العمل للمتخرجين يعد من أكبر أنواع الهدر والخسارة بالاقتصاد وقد يكون البرنامج شمل ما يحتاجه الفرد لتنمية قدراته من تطوير بمنظومة التعليم واستقطاب الجامعات العالمية وضخ استثمارات بالقطاع كما أشار معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ إضافة لبقية مستهدفات الوزارة بالتعليم العام والعالي لكن يبقى ربط الوزارات المسؤولة عن القطاعات الإنتاجية المهمة أهم ما ميز هذا البرنامج حتى تكون توجهات التأهيل متماشية مع متطلبات قطاعات كالصناعة والتعدين وغيرهما من القطاعات الرئيسة من حيث المخرجات أو الإعداد المطلوبة بكل تخصص يحتاجه السوق.
فنجاح هذا البرنامج وتحقيقه لمستهدفاته سيكون له أثر كبير بتغيير واقع سوق العمل والتوجه للداخل لتلبية احتياجات المنشآت من القوى العاملة، إضافة لتطوير الموظفين الحاليين بهدف تحسين أوضاعهم وفتح المجال لهم بفرص وظيفية أفضل وحتى لرواد الأعمال يوجد مجال لتوسيع معارفهم وتأهيلهم مما يخدمهم في تطوير مشاريعهم وذلك من خلال تغيير بالأنظمة تسمح باستمرار التعليم مدى الحياة للموظف كما ذكر وزير التعليم لمواكبة أهداف البرنامج لكن بكل تأكيد النجاح يتطلب تكاتف واسع من كافة أطياف المجتمع فالجهات الحكومية لا يمكن أن تحقق كل الأهداف بمجهودها إذ لا بد من حملة توعوية واسعة لأفراد المجتمع وللأسر بمستهدفات البرنامج وكيف سيستفاد منه وآلية عمله وكيف يساعد الفرد من الطلاب والطالبات في اختيار المسار المناسب لإمكاناتهم حتى يختار التخصص الجامعي أو المهني الذي يحقق من خلاله النجاح المطلوب ويتوافق مع موهبته حيث يسعى البرنامج لمساعدة الطلاب على معرفة ما يناسبهم من تخصصات، كما أن للقطاع الخاص دوراً في تحديد التخصصات التي يطلبها لأعماله التشغيلية وأن يشارك بالاستثمار بالتأهيل والتدريب للمساعدة على المواءمة المطلوبة بسوق العمل للمخرجات.
يبقى هناك تحد من نوع مختلف وهو إذابة البيروقراطية في أي قطاع له دور بدعم تيسير الاستثمارات أو الترخيص لها إضافة إلى وضع آليات للتوظيف تقلل من مدة تقديم طلب التوظيف حتى مباشرة العمل فنسمع عن جهات أو شركات يأخذ مسار التوظيف فيها أشهراً ما بين تقديم الطلب وعمل المقابلات التي قد تصل لأربع مقابلات مختلفة وتكون بينها فترات انتظار من طالب الوظيفة طويلة نسبياً وهو لا يعرف ما مصير طلبه بعد كل هذه الإجراءات بالرغم من أنه قد يكون قد نال القبول إلا أن إنهاء الإجراءات وبداية العمل من المستغرب أن تتعدى ببعض الأحيان ثلاث إلى أربعة أشهر وهي مدد طويلة جداً لم تكن تحدث في عصر ما قبل التكنولوجيا والرقمنة التي بسطت الإجراءات ويسرتها ولعل النظر في هذه الإجراءات ووضع ضوابط لها وسقف زمني سيسهم فعلياً بسرعة توظيف الخريجين بالتخصصات المناسبة لهم.