د. محمد عبدالله الخازم
بعيداً عن أهداف معارض الكتب المهنية، الناشر العربي لا يأتي لمعارض الكتب العربية سوى للبيع حينما تصبح المعارض هي الآمال الأخيرة التي يسلكها لبيع منتجاته الثقافية والكل يشتكي من كساد سوق الكتب ومنتجات الثقافة الأخرى. تأثر مبيعات الكتب ظاهرة عالمية وكثير من الدول تدعم منتجها الثقافي بشكل مباشر وغير مباشر. نحن لدينا وزارة الثقافة تحاول وضع خطط لتطوير القطاع وتبذل جهوداً إعلامية كبرى للتحفيز المعنوي في هذا الشأن - أكتب تحديداً حول المنتج المكتوب - لكن هل هذا ما ينشده الكاتب والمؤلف؟
بالتأكيد، تلك جهود مقدرة لكن المثقف يرى الأمر أسهل من كل ذلك في بعض الأحيان، حيث إن ما يرجوه هو ترويج منتجه وحصوله على مقابل مادي معقول نتيجة لذلك الأمر. نقرأ ونسمع عن كتَّاب في العالم يكتفون في معيشتهم بالدخل الذي توفره لهم مبيعات مؤلفاتهم، أما لدينا يتسابق المبدعون على المناصب الإدارية لأن التأليف لا يؤكل عيشاً وتتسابق دور النشر على المؤلفين، غثهم وسمينهم، لأنهم يدفعون كلفة الطباعة والنشر، لا لأنهم يقدمون منتجاً يبيع آلاف النسخ في السوق. الأمر محزن، لكن المؤلفون يترفعون في الحديث عنه ويكتمون حسرتهم واضطرارهم دفع الأموال للناشرين اللذين يتكسبون من وراء جهدهم وعرقهم. لديهم دوافعهم الفكرية والثقافية والترويجية والإعلامية وغيرها، ليس الجميع لهم نفس الدوافع والمبررات للتأليف والنشر، لكن المؤكد أن غالبية المؤلفين لا يتكسبون مادياً مما ينشرونه.
كيف إذاً يمكن مساعدة النشر في المملكة؟
بدون مقدمات، عبر شراء المنتج الثقافي. لدينا أكثر من أربعين جامعة ولدينا مئات المدارس مشترياتها من معارض الكتب السعودية ومن منتجات الثقافة السعودية لا شيء، لدينا أندية ثقافية ومكتبات عامة بكل منطقة مشترياتها من المنتج الثقافي السعودي شبه معدومة، لدينا مراكز بحوث ووزارات ومكتبات وطنية وأندية أدبية ورياضية وملحقيات ثقافية وسفارات في الخارج، جميعها ليس ضمن بنود ميزانياتها دعم الثقافة واقتناء منتجاتها من مؤلفات وغيرها. يبقى اعتماد المؤلف على مكتبات تجاريه لا تزيد عن أصابع اليد، لا تلبث أن تزيل مؤلفه من رفوف العرض بعد أيام من عرضه فيبتعد عن عيون المستهلك. طبعاً، والحال كذلك مع القطاع الرسمي لا نتأمل كثيراً من القطاع الأهلي فهو إن دعم فسيكون الأمر فردياً بناءً على علاقة شخصية وليس مؤسسياً عبر نظام مستدام.
الخطط الثقافية تكرر دوامة القطاع الرياضي في محاولة صنع بطل أولمبي والمنتج الثقافي يسير في الطريق المر الذي مرت وتمر به الصحف. الأمر يتطلب الدعم غير المباشر، عندما يضمن الناشر وجود جهات تشتري منتجه سيحرص على جودته وسينتج أكثر لأنه يجد سوقاً يساعده على تقليص الخسائر، لذا أطالب بدعم مختلف الجهات وحثها أو إجبارها على شراء المنتج الثقافي السعودي. يحتج البعض بتواضع المنتج، وهذه حجة رائجة في الثقافة وغيرها، وغير دقيقة أحياناً، لكن مهمتنا دعم منتجنا أياً يكن والإسهام في تطويره وتحفيزه عبر منصات شراء تنافسية عادلة منحازة للجودة والتميز. في كل الصناعات والمجالات علينا دعم منتجنا ومساعدته والصبر عليه للارتقاء بجودة مخرجاته...