د. أحمد محمد الألمعي
تحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني لتوحيد المملكة في 23 سبتمبر من كل عام. وهذا التاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك المؤسس عبد العزيز طيب الله ثراه برقم 2716، وتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351هـ، الذي قضى بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وذلك ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351 هـ والموافق يوم 23 سبتمبر من عام 1932م. وقد أصدر الملك عبد الله في عام 2005 الموافق لليوم الوطني الـ75 مرسوماً باعتبار اليوم الوطني إجازة رسمية للدولة. وقد شهدت مناسبة اليوم الوطني للمملكة عدة أحداث ومناسبات مهمة، منها افتتاح الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2009 جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وهي صرح علمي بحثي شامخ، وذلك بحضور عدد من رؤساء دول العالم، وفي ذكرى اليوم الوطني الـ89 دشنت الهيئة العامة للترفيه هوية اليوم الوطني الـ89 تحت شعار (همة حتى القمة) وفي ذكرى اليوم الوطني الـ90 أطلقت الهيئة العامة للترفيه الهوية الإعلامية الموحدة اللفظية والبصرية تحت شعار (همة حتى القمة)، التي استلهمت من مقولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان «همة السعوديين مثل جبل طويق». فلماذا تحتفل الأمم باليوم الوطني وما أهمية ذلك في الهوية الوطنية وهل لدينا ما نحتفل به كأمة؟
تنعم المملكة بالكثير من الثروات التي تم استغلالها بفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة استغلالا واعيا وجيدا من خلال الخطط المدروسة، مثل الخطط الخمسية للتنمية ثم رؤية 2030، وضعت المملكة ضمن مصاف أقوى 20 اقتصادا في العالم وبنت جيشا ومكانة سياسية ونفوذا دوليا وإقليميا تحسد عليه، وفر الأمن ورغد العيش للمواطن والمقيم في الأرض الطيبة على حد سواء، بينما نرى كثير من الدول من حولنا التي تنعم بثروات طبيعية طائلة تعاني أزمات اقتصادية وأمنية وعدم استقرار ويعاني مواطنوها الفقر، ويلجؤون للدول الأخرى للعمل وسد حاجات أسرهم. ولا يخفى على الكل أهمية الاستقرار الأمني والاجتماعي، فنرى كثيرا من المجتمعات التي تعاني اضطرابات أمنية ودينية ومذهبية تعاني نسبا عالية من الاكتئاب وأعراض الصدمة النفسية وغيرها من الأمراض النفسية، ونسب عالية من الجريمة وانتشار المخدرات والتفكك الاجتماعي، ولا حاجة لذكر دول بعينها فالأمثلة واضحة في منطقتنا ودول الجوار.
ونرى التقدم الكبير للمملكة في المجال الصحي، فالمملكة من مصاف أفضل الدول التي تعاملت مع جائحة الكورونا، وتؤخذ خطتها الصحية كمثل يحتذى به ويدرس، ولا أدل على ذلك من عدد حالات الإصابة المنخفضة جدا، بينما رأينا فشل الأنظمة الصحية في كثير من الدول الصناعية المتقدمة، ورأينا مؤخرا إنجاز صناعة المملكة للرقائق الإلكترونية التي تدخل في كثير من الصناعات الحيوية وسط ذهول كثير من الدول، ورأينا كيف يتم تطوير مرافق المملكة لجعلها مركزا لوجستيا وسياحيا، ولا يتسع المجال هنا لسرد كثير من الإنجازات الأخرى في المجال العسكري والتقني والإداري، وغيرها من المجالات الحيوية والمتقدمة التي نفخر بها.
والاحتفال باليوم الوطني هو احتفال غير ديني، يشمل جميع الملل والمذاهب وتعبير للمواطن عن انتمائه وحبه لهذا الوطن المعطاء والتعبير عن امتنانه لولاة الأمر، وهو إحساس بالعزة والكرامة التي منحنا إياها هذا الوطن على اختلاف آرائنا وقناعاتنا. فلوحدة الوطن واستقراره فوائد للجميع بدون استثناء. وقد عرفت هذا الإحساس شخصيا أثناء غربتي عن الوطن للدراسة والتدريب ومن ثم للعمل واكتساب الخبرة لسنوات طويلة، فليس هناك دولة تمنح مواطنيها وتستثمر فيهم هذا الجهد والمال بهدف بناء الإنسان السعودي الذي هو لبنة أساسية للبناء وما تحقق اليوم، فلنا أن نفخر بكثير من الإنجازات التي تمت وما هو آت سيكون أفضل بإذن الله، والأمل كبير في تحقيق رؤية 2030 وتأثيرها الإيجابي المتوقع على مستقبل أبنائنا وبناتنا.
وبرغم كل ما يحيط بنا من اضطرابات إقليمية عسكرية وسياسية، وصراعات مذهبية، لا نرى لها أي أثر في المملكة بفضل حكمة وحزم القيادة ممثلة في خادم الحرمين وولي عهده الأمين، ووجود هذا الاستقرار عامل كبير في توفير بيئة خصبة للإنجاز والإبداع كما نرى كل يوم، فالمملكة حققت أعلى نسب للبحث العلمي في المنطقة العربية في السنوات الأخيرة وتتبوأ مكانة عالمية متقدمة في هذا المجال بفضل عقول شبابها المتعلم، أدام الله علينا هذه النعم وحفظ لنا القيادة الرشيدة.