خالد بن حمد المالك
لا حديث هذه الأيام في العراق الحبيب وفي محيطه العربي وربما الدولي إلا عن الانتخابات العراقية، وسط انتظار لما سوف تسفر عنه، من تغيير إصلاحي يبدأ مع تشكيل مجلس النواب الجديد، والإعلان عن الوزارة الجديدة، في أجواء تبدو انفتاحية على الأسلوب الديمقراطي الذي تتجه إليه دولة العراق.
* *
هناك تفاؤل متحفظ، وتشاؤم حذر، وكل الآراء والرهانات حول ما هو متفائل أو متحفظ ينطلق من طبيعة الأوضاع التي يمر بها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، فاحتلال أمريكا للعراق، وإلى أن تسلم العراقيون إدارة بلادهم بأنفسهم في انتخابات وإن شابها ما شابها من أخطاء وتحفظات من بعض القوى في ظل تسيد السلاح المنفلت.
* *
في هذه الانتخابات التي يستعد الناخبون العراقيون للذهاب إلى صناديق الاقتراع في العاشر من هذا الشهر للإدلاء بأصواتهم، يبدو أن نسبة المتفائلين أكثر من المتشائمين قبل فرز الأسماء الجديدة لقيادة العراق في المرحلة القادمة ممن سيرشحون أنفسهم كمستقلين، أو من خلال الأحزاب التي ينتمون لها.
* *
لكن الخوف الذي يسود الطبقة المتشائمة يُبنى على التدخلات الخارجية، وعلى شراء بعض الأصوات بالمال، وعلى تهديد الناخبين بالسلاح المنفلت، وعلى الانتماءات الحزبية لقوى ومصالح خارجية، وعلى التلاعب بالورقة الانتخابية لإقصاء هذا وتقريب ذاك، وإن كانت الاحتياطات قد أخذت ذلك بعين الاهتمام والرقابة الصارمة، بما في ذلك مشاركة منظمات ودول أجنبية في مراقبة المراكز الانتخابية ضمن أجهزة المراقبين.
* *
وحتى يبدد المنظمون والمشرفون والمراقبون أي شكوك أو اتهامات لا تكون صحيحة، ولضمان سير الانتخابات بشكل نزيه وشفاف، فقد سارع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على إبعاد نفسه من الترشح مع حقه في ذلك، بهدف طمأنة الناخبين والمنتخبين على أن أي إخلال بالعملية الانتخابية غير ممكن في ظل الاحترازات، والتحضير الجيد، ومشاركة مراقبين دوليين، فضلا عن أن المرجعية العراقية نبهت الناخبين من خلال السيد علي السيستاني إلى خطورة استخدام المال، أو عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع بكثافة عالية، باعتبار أن الانتخابات حق للشعب، ويجب ألا يغيب أحد عنها، وأن المرجعية لا تؤيد أي كتلة، بل إنها تقف على مسافة واحدة من الجميع.
* *
وهذه الدورة من الانتخابات العراقية تختلف عن الدورات السابقة، كون العراق ينفتح الآن على عالمه العربي، ويمد جسور التعاون معها، بخلاف ما كان الوضع عليه حين كانت علاقته الحقيقة تقتصر على إيران في مجال العمل على تحقيق المصالح والأهداف المشتركة، وهو ما يعني أن العراق مقبل الآن على انتخابات نزيهة، وإن كانت الساحة العراقية لا تخلو من بعض التخوفات، مثلها في ذلك مثل أي انتخابات في جميع الدول المستجدة في التعامل مع الأجواء الديمقراطية في الانتخابات.
* *
وما نتمناه أن نرى العراق يزدهر بسرعة، وتستقر أحواله بأكثر مما هو عليه الآن، وأن يكون قراره المستقل بيد أبنائه، وأن يعود إلى ما كان عليه: دولة قوية، ومؤثرة، والبوابة الشرقية لعالمنا، فلا غنى للعرب عن العراق، ولا غنى للعراق عن العرب، وهذه الانتخابات نأمل أن تكون بداية لعراق جديد، ينعم مواطنوه بالسلام والحرية والاستقلال، في ظل أجواء وقيادة حكومة ديمقراطية تحترم الحقوق، وتمارس العدل في تعاملها مع جميع المواطنين، وتكرّس علاقاتها مع جميع أشقاء العراق العرب من المحيط إلى الخليج.