في منظمات العمل المختلفة يكون الولاء للمؤسسة نابعاً من عدة عوامل أهمها الراتب الذي يكفي الحاجة والراحة النفسية والتعاملات الأخلاقية بين الموظفين بعضهم لبعض وبين الإدارة كهرم أعلى للسلطة التي تقيم العدل وتضطلع بالمسؤولية وحفظ الحقوق، وشعور الموظف بتطبيق هذه القيم مثار ارتياح واطمئنان، في حين أن وجدت ثغرة تنظيمية أو أخلاقية فإن ذلك يؤثِّر سلباً على الأداء والإنتاجية بشكل أو بآخر، أضف إلى ذلك بعض السلوكيات الخاطئة كالغيرة والعنصرية وحب الاستحواذ والسلطة والمنافسات اللا أخلاقية بين الموظفين التي تتخذ من الوصولية والانتهازية وتتبع الهفوات سلّماً للوصول وطريقاً للصعود ثم يكون تقييمه للأداء لبقية زملائه نابعاً من هذه الممارسات اللا محمودة.
بيئة العمل الصحية تعزِّز من ترابط النسيج المتنوّع بين الموظفين مع الإدارة والاحتواء المجتمعي والأسرة الواحدة واللحمة الأخوية بينهم، وأذكر مما يحضرني قصة أحد الموظفين الذين استقالوا طوعاً بإرادتهم وذهب إلى عمل آخر أعلى أجرًا من سابقه، ولكن بعد مرور عدة أشهر يقول نادماً:
خرجت من عندكم طمعاً في تحسين دخلي وبفارق راتب يرضيني، حيث أعاني من ديون أثقلت كاهلي منذ سنوات ولكن بعد مرور عدة أشهر اكتشفت أني لم أعد مستقراً وأن هذا العمل لا يعدو أن يكون هماً جديداً أضفته على نفسي باختياري، حيث اتضح لي أن هذه الإدارة سيئة وموظفوها لا يقلون عنها سوءاً في بيئة غير صحية وغير نظيفة فحملت هماً على هم، وتعباً على آخر ... هذا العمل الجديد والإدارة السيئة يصدق عليها البيت:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عدواً له ما من صداقته بد
يعوز كثير من الإدارات في كثير من المؤسسات والشركات وبيئات العمل المختلفة التأثير الإيجابي والقيادة الحكيمة والمشاركة والاستشارات التي تصب في مصلحة العمل والفرد على حد سواء، والعمل بروح الفريق الواحد التي تحفز لتكوين هذه البيئة الصحية السليمة، وإن لم يكن كذلك فإن الآثار السلبية لبيئات العمل غير الصحية وهذا السلوك الاستفزازي والتعسف لدى (بعض الإدارات و المدراء) أو حتى بعض زملاء العمل، تولّد ضعفاً في الإنتاج وفي جودة العمل وتساهم في تفكير الموظف بترك عمله إلى آخر وتشتيت جهوده، وكذلك ظهور بعض الأعراض والأمراض العضوية كقرحة المعدة والقولون والتوتر اليومي المصاحب، وشعور هذا الموظف بالإحباط وخيبة الأمل.
الإنجازات العظيمة في قطاع الأعمال تقوم على الأخلاق والمبادئ والقيم.. على الأمل والثقة والأمان والمشاركة من الجميع كل له دوره وموقعه وبصمته المميزة، إذ إن الجميع في مركب واحد وترس يدور باستمرار وبلا توقف.
القرارات الإدارية والقيادية الواضحة والعادلة هي التي تبعث على العطاء والولاء للشركات والمؤسسات ونتاج ذلك تعزيز الإنتاج ورسم الأهداف وتحقيق الطموحات.
هيكلة المجتمع الوظيفي لابد أن تستند على ركائز عدة من التناغم والتلاؤم ومواكبة المستجدات المتغيّرة أولاً بأول واندماج الموظفين باختلاف ثقافاتهم في هذه المنظومة العملية وكأنها ملك خاص لهم وهذا ما يعزِّز الولاء والحب لهذا الكيان الذي يعمل تحت كنفه وينضوي تحت لوائه فيدافع عنه بشدة وينبري للحفاظ على مكتسباته ورفعة شأنه وحضوره الدائم في أرقى المستويات.