قبل أربعين عاماً لم تكن المدن تعج بالمتسوقين إلى الهزيع الأخير من الليل وتنام النهار كالذي نشاهده اليوم بفعل جشع التجار وانجذاب الناس وراء الأضواء والأسواق المنمقة، ما حدث في السنوات الأخيرة من تغيرات في أسلوب الحياة أضر بصحة الناس.
فالسهر إلى الفجر أو ما قبل الفجر بقليل أنهك الكبار والصغار بل وزاد من الأمراض التي لم تكن معهودة في الزمن الماضي من سمنة وكولسترول وضغط وسكر وضعف في البصر وآلام المفاصل والعضلات، أمراض شكلت كثرة المراجعين للمستشفيات وضاعفت الطلب على الأدوية واستأثرت بالوقت في العيادات والطوارئ وأقسام التنويم والتحاليل والأشعة كل هذا بسبب السهر والركض وراء المطاعم والبوفيهات والوجبات الجاهزة وذرع المدينة طولاً وعرضاً. ، وفي النهار مدن شبه نائمة حال سكانها سواء بسواء والمفترض العكس فالله جعل الليل سكناً والنهار سعياً وانتشاراً في الأرض لعمارتها والمحافظة على الصحة وسلامة المجتمع من الأمراض التي تقع نتيجة مخالفة الناس للطبيعة التي فطروا عليها في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} نعم نقرأ ولكن لا نعمل مما أثر سلباً على الحياة بصفة عامة وعلى صحة الناس بصفة خاصة، لابد من الرجوع إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها والتناغم معها لما في ذلك من عافية والعكس في حال خالف الناس قانون الطبيعة وهو ما نراه الآن في المجتمعات التي تنكبت لتعليماتها وسارت وراء الأضواء والمغريات الضارة أما التحجج بشدة الحر فلا يكفي لقلب موازين الطبيعة لتسوء صحة الناس وتضعف إنتاجيتهم نتيجة السهر وما يجره من تعب وضغوط نفسية.