عبده الأسمري
ركض بين مسارب اللغة واقترف من مشارب الأدب.. وولى قبلة «موهبته» شطر «البحث» ووجه بوصلة مهاراته قبالة «الفكر» حيث تأثر بالشعر وأستأثر بالشعور فتقاطرت «المشاعر» صيباً من «غيوم» الثقافة التي مثلت له «عشق» محفل بزغ من «غسق» التساؤل. بين حروف «الفصاحة» ووصوف «الحصافة» وتحت سلطة «النقد» وبين ظلال «الجد» ألبس «سيرته» رداء فضفاضًا مطرزًا بالانفراد.. ساكبًا «حبر» المعرفة «على» أوراق «الأثر سابكاً عبير «العرفان» في ذاكرة الوطن..
إنه البروفيسور عبدالعزيز المانع عالم اللغة العربية وآدابها واحد أبرز الوجوه الأكاديمية والأسماء الوطنية في مجال البحوث والدراسات.
بوجه وقور تنبع من علامات «الجد» وتسمو فيه سمات «الود» مع ملامح نجدية تعكس «الأصل» ومطامح وطنية تبرز «النشأة» وتقاسيم يغلب عليها «الهدوء» المختلط بالإنصات و»الرقي» المقترن بالحكمة وعينان تنبعان بالحنكة والدراية مع أناقة تعتمر الزي الوطني الأصيل وكاريزما تتقاطر «أدباً» و»تهذيباً» وشخصية تكتمل بالاتزان تعلو فيها لغة «البراهين» وتتجلى منها سمة «الدلائل» قضى المانع من عمره عقودًا وهو يؤسس البحوث من أصول «التراث» ويحتفي باللغة من فصول «الشعر» ويرسم «خرائط» المخطوطات بحدود دقيقة قوامها «البحث» ويكتب «طرائق» الإنجازات بخطوط عريضة قيمتها «التحقيق» تاركاً إمضاءات «الأثر» في قاعات الجامعات ومشعلاً إضاءات «التأثير» في منصات التكريم. في شقراء «عاصمة» الوشم و»باذخة» الإنتاج.. وُلد عام 1943 في بيت عريق تلقى صدى «ولادته» كبشرى مستديمة وذكرى مبهجة.. لينضم «ضيفاً» جدداً إلى «نخبة» السلالة الفاخرة التي ملأت أرجاء البلاد بالمآثر.. وتفتحت عيناه على والدين كريمين ملآ قلبه بأبعاد «السداد» وأشبعا نفسه بسبل «الرشاد» ليقضي طفولته «ثاوياً» في «محفل» أسرته الباهر بنصائح «الصلاح» والزاهر بلوائح «الفلاح».
ركض المانع بين حقول قريته مع إخوته وأقرانه مراقباً جموع «طلبة العلم» وهي تنتهل «المعرفة» في الجوامع مرتقباً فلول «حفظة القرآن» وهي تنشر «السكينة» وسط المساجد..ملاحقاً خطى «العابرين» من طالبي الرزق وهم يرددون «نداءات» البكور في مرابع عشريته مسجلاً في ذاكرته «البريئة» مناقب «البساطة» في وجوه «السائرين» من أهل «الشيم» مكملاً نهاراته في المكوث وسط مجالس عائلته مستمعاً لمناهج «إغاثة» الملهوف ومنصتاً لمباهج «أعانة» المحتاج.. ليقضي ليله وسط أقاربه واضعاً بين أيديهم «تساؤلات» النبل وتاركًا وسط مواقعهم «نبوءات» المستقبل. انخطف المانع صغيراً إلى خطب «الفصحى» في أقوال المؤثرين وانجذب إلى وقع «الصدى» في ثنايا المؤرخين.. ودعته «فطرته» المدججة بالفضول والمحتجة بالتساؤل إلى إرضاء غرور طفولي حول أصداء وأسرار قصص الشعراء وأنباء الأدباء وسير النبلاء التي كانت تعتمر وجدانه ليحوله إلى سرور مستقبلي نطق بالجهر في علانية التحليل في ارتجال المحاضرات واستنطق بالحرف في ماهية التأليف في أمهات الكتب..
استلهم المانع دروس «العدل» في توزيع «قضاة» قومه لمعاني «الإنصاف» التي تحولت إلى «اعتراف» باكر بأمانة «القول» و»استشراف» مبكر بنزاهة «الفعل» فنشأ مخطوفاً إلى «الصدق» منجذباً إلى «الحقائق».. متعلماً من «مدرسة» والديه الحلم والأناة والتواضع وكيفية تحديد وجهة «الوجاهة» بنور «القيم» و»ضوء» التقييم» لينهي دراسته في التعليم العام بتميز ثم التحق بجامعة الملك سعود ونال منها درجة البكالوريوس في اللغة العربية عام 1966 ثم طار إلى بريطانيا وحصد درجة الدكتوراة في تحقيق المخطوطات عام 1976م، ليعود لاحقاً إلى وطنه، ويعمل محاضراً في قسم اللغة العربية بجامعة أم القرى. ثم انتقل إلى كلية الآداب في جامعة الملك سعود للعمل وعمل فيها أكاديمياً وتدرج فيها بين مناصب عدة وعمل أستاذاً زائراً للدراسات العليا في مادّة «تحقيق المخطوطات» بجامعة سوسة في تونس.
انهمك المانع في بحوثه وعكف على دراساته وعمل على تحقيق أكثر من خمسة عشر كتاباً، ونشر عدداً كبيراً من البحوث والدراسات. وكانت بداياته في سبر أغوار كتاب نشر المنتخب من كتاب «الشعراء».
ثم واصل المانع تحقيق مجموعة كتب حول الشعر العربي ونقده، وصولاً إلى شعر المتنبي، الذي نشر فيه عددًا من الكتب حتى ظل مقيماً متيماً «في ضيافة أبي الطيب» وفق مقولته الشهيرة.. ورغم المشاغل البحثية والانشغالات الأكاديمية إلا أن المانع ارتبط بالثقافة واتجاهاتها وإبداعاتها حيث شغل عضويات في مركز حمد الجاسر الثقافي ومجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض وعضو هيئات تحرير واستشارات في مجلات العرب وعالم الكتب و»عالم المخطوطات والنوادر» والدرعية و»المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها» وغيرها.. وشارك في عشرات المؤتمرات والندوات في الداخل والخارج وقام بتأليف كتب وإصدارات عدة ...
حصل المانع عام 2009 على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب، وكرمته جامعة الملك سعود بتخصيص كرسي بحث باسمه في مجال اللغة العربية وآدابها وتم تكريمه في محافل عدة ومواقع محلية وعالمية.
البروفيسور عبد العزيز المانع.. «فارس» اللغة و»خبير» الآداب الذي حول مسيرته إلى عقود مشعة من «المعارف» أضاءت عناوين «الإنجاز» وأنارت «مضامين» الاعتزاز.