من يرى أروقة متحف العقيلات بمدينة بريدة فإنه يرى تاريخ رجال أفنوا عمرهم وشبابهم في الغربة والترحال على مدى ثلاثة قرون مضت من أجل أهداف سامية، وهي التجارة وكسب العيش، حيث حملوا معهم في غربتهم من بريدة ومنطقة القصيم صفات الرجال من كرم وضيافة وشجاعة ودين وخلق وصدق وأمانة حتى أصبحوا يعرفون بلقب رجال العقيلات، وذلك لكثرة ترحالهم لديار الهند والبحرين والكويت والعراق والشام وفلسطين ومصر وغيرها من الديار لعشرات السنين من عمرهم ومنهم من بقي بتلك الديار حيث طابت له العيش بها، وأصبح من كبار التجار المعتمدين بتلك الديار ببيع الابل والخيل والأقمشة أو المواد الغذائية (الأرزاق) ومنهم من يبيع المعدات، حيث تركوا بصمتهم بتلك الديار، ونجد كثيراً منهم لم ينسوا الجانب العلمي في غربتهم حيث جلبوا معهم أمهات الكتب والكتب النادرة من علوم شرعية ومخطوطات حتى أصبحت مدينة بريدة وغيرها من مدن القصيم منبراً لطلاب العلم، حيث استفاد طلبة العلم من هذه الكتب النادرة والمخطوطات.
كما أن لهم وقفتهم البطولية ودورهم الكبير مع أئمة آل سعود وخاصة موحد هذه البلاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن (طيب الله ثراه). إذن نحن نعيش فترة من صفحات بيضاء سجلها التاريخ لرجال العقيلات على امتداد ثلاثة قرون مضت والكثير الكثير منا لا يعلم عن تاريخهم، ولما قامت هذه البلاد ومنّ الله على الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) إعلان اسم المملكة العربية السعودية (1932م) كان رجالات العقيلات على خطى أجدادهم في ترحالهم وغربتهم حتى أمر الملك عبدالعزيز بإيقاف رحلات وحملات العقيلات (1364هجري)، وذلك من أجل بناء الدولة ومؤسساتها التنموية، حيث أصبح الكثير منهم نجدهم يشاركون في التنمية ومنهم من دخل العسكرية ومنهم من اشتغل بالتجارة، لذا يبقى ذكر رجال العقيلات، من خلال ثلاثة قرون مضت، وما كنا لا نعرفه عن هؤلاء الرجال ودورهم الكبير وجدناه بمتحف العقيلات بمدينة بريدة على يد مؤسسه وصاحبه الأستاذ: عبد اللطيف صالح الوهيبي، رجل الفكر والعلم والثقافة وهو مرجع بتاريخ رجال العقيلات وقد مضى أكثر من ثلاثة عقود في بناء وتأسيس هذا المتحف بما فيه من وثائق ومخطوطات وكتب نادرة، وصور وأدوات رجالات العقيلات في سفراتهم وترحالهم ولا ننسى ما قام به من تأليف كتاب (العقيلات مأثر الآباء والأجداد على الإبل والجياد)، وهو عبارة عن ستة مجلدات جسدها بداخل أروقة هذا المتحف التاريخي هو الفريد من نوعه بين المتاحف بالمملكة، حيث جعله صاحبه رمزاً لتاريخ بريدة المعاصر ومنطقة القصيم ومعلماً من معالم مدينة بريدة الحضاري. ولا ننسى بأن متحف العقيلات له مشاركات في المناسبات والاحتفالات الرسمية والمهرجانات السنوية، مما جعل له بصمة ذهبية لمدينة بريدة ومنطقة القصيم.