م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- النص هو الوسيط المباشر بين المؤلف والقارئ.. وهو المؤسس الحقيقي للذائقة.. لأنه همزة الوصل الناقلة للفكرة والرأي والرسالة.. ويشتمل على خصائص الإثارة والإمتاع والتشويق والإفادة والإشباع.. وهذه الخصائص هي التي تجذب القارئ وتثير شغفه.. وبالتالي هي التي تشكل ذائقته الأدبية.
2- النص سابق على القراءة.. لذلك فهو الذي يشكل الذائقة ويوجهها.. وهو الذي يضيف إلى القارئ فهماً وإمتاعاً وخبرات.. من هنا نجد ذلك الاتفاق الأزلي على التحذير من أن الكتابات الهابطة تنحدر بوعي القارئ.. ونشأت تلك العلاقة الوجودية بين الإبداع الراقي والجمهور الواعي.
3- المؤلف والنص والقارئ هي العناصر الثلاثة التي تحكم العملية الإبداعية.. لكنها لا تنفك عن تأثير الوسط الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي الذي يولد فيه النص ويعيش فيه كاتب النص وقارئه.. فالمحيط العام هو الذي يؤثر في الإطار العام لعملية التذوق بشكلها المطلق.
4- الذين يجادلون في أن القارئ هو المتحكم في الذائقة الأدبية واتجاهها ينطلقون من القاعدة التي انتهجها بعض المنتجين للإبداع بكافة أجناسه: (الزبون عايز كدا).. ولو عرضتَ عليه أعمالاً ذات مستوى مرتفع لا شك أنه سيرتفع إلى ذلك المستوى.. ومن العيب التقليل من ذكاء ومعرفة القارئ.
5- رغم أن المبدع هو الطرف الأهم في تشكيل الذائقة إلا أن الأوضاع المجتمعية والسياسية من الممكن أن ترفع من سيادة إبداع على آخر.. وتدفع إلى تشكيل ذائقة واقعة تحت تأثير التوجيه الصادر من خارج المجال الحيوي للإبداع.. ففي مرحلة سابقة شَكَّل الفكر الصحوي الديني اتجاه الإبداع وشكله.. كما شكل الحكم العسكري أو الأيديولوجي (اشتراكي، شيوعي، بعثي) الذائقة في بعض البلاد الأخرى.
6- الذائقة كالموهبة تماماً.. يجب رعايتها وصقلها.. ولا يتحقق ذلك إلا وسط مجتمع ينظر بعين التقدير للإبداع.. ولديه المدارس التي تعلم الناشئة التذوق والاستمتاع بالجمال.. ومكون من أسر تقرب أبناءها إلى مواطن الجمال وتبعدهم عن مواطن القبح.. وأفرادها يحتفون بحب الجمال وتذوق الإبداع ويؤصلونها في روح وفكر أبنائهم.. فالذائقة لا تتطور بالفطرة بل بالتدريب.