مبارك بن عوض الدوسري
لم يكن العام الدراسي 1391هـ - 1392هـ، عاماً عادياً كسائر الأعوام الدراسية لبعض طلاب جيلي، ففي هذا العام على ما أظن بدأ توزيع الوجبة الغذائية المدرسية على طلاب المدارس في بعض أجزاء المملكة، وأعتقد أنه تم اختيار البعض وفق دراسات مُعينة رُبما منها سوء تغذية أبناء تلك المناطق، والذي ربما يعود إلى الظروف المعيشية للكثيرين، وكانت الوجبة بالنسبة لنا شيئاً مختلفاً وجديداً، حيث كانت تتكون من الفاكهة (موز- برتقال - تفاح) وحليب ساخن تم إعداده بالمدرسة يقوم عليه شخص يُدعى منصور، وساندوتش محشوة بحلاوة الطحينية أو الجبن الكرافت مع مربى الجح، وكنا نُسميها (صامولية)، والتي يُقال إن اسمها أُخذ من اسم خباز صومالي كان هو أول من أدخلها للسعودية في مخبزه بحي العمارية في جدة، وآخرون يقولون انها من أصل تركي وآخرون يرون أنها يونانية (SOMUN) بل إن البعض يرى أنها نوع من أنواع الخبز الايطالي يعرف باسم Semolina))، وكانوا يقومون بترتيبنا في صالة أرضية على هيئة صفوف اشبه بصفوف الصلاة، ويبدأ طلاب الصف السادس بتوزيعها علينا، كما أتذكر أن أحد طلاب الصف السادس من المتميزين بالمدرسة خُلقاً وعلماً لا يحب شرب الحليب، فكان أحد مستخدمي المدرسة يناوله كوباً من شاي المعلمين بدلاً من الحليب، وكنا ننظر له نظرة المحظوظ بهذا التمييز بين سائر طلاب المدرسة، وكان تقديم الحليب في أكواب زجاجية سرعان ما استبدلوها بأكواب بلاستيكية بعروة بعد أن أخذنا نشكو من سخونة كوب الزجاج، فضلاً عن ازدياد التالف منه لسهولة كسره، والجميل في الموضوع أن الغياب من المدرسة اصبح نادراً، وفي نفس الوقت أحسسنا بتغير في صحتنا، وبدأ ذلك على البعض في جسمه ووجهه، حتى أن البعض منا قال: إن هؤلاء الذين تغيرت أجسامهم وصحتهم للأفضل يمنحون الساندوتشات المملوءة، باعتبار أن الذي يوزعها من الصف السادس ربما أحد أقربائه بينهم.
وفي عام 1396هـ - 1397هـ، توسعت وزارة المعارف - آنذاك - في توزيع الوجبة على جميع طلاب التعليم العام بالمملكة، وتم التعاقد مع شركة أوربية متخصصة عن طريق الشركة العربية السعودية «سيف»، وكان ذلك في علبة من الورق يتنوع محتواها يومياً ويختلف من منطقة إلى أخرى، والغريب أن الفتيات اللاتي كُن يتبعن للرئاسة العامة لرعاية البنات لم يحظين بتلك الوجبة، الأمر الذي جعل شقيقاتنا من الصغار ينتظرن ماذا سنوفر لهن من تلك الوجبة، خاصة وأنها تشتمل على حلاوة الفانيليا وعلبة من الشوكولاته (جديدة علينا) ومشروب لأحد الفواكه، وشابورة جافة، وحليب سائل كُنا لا نستسيغه فنقوم باستبداله بعلبة بيبسي لدى أحد اصحاب البقالات، كل 6 علب حليب يقابلها علبة واحدة من البيبسي، واستمرت تلك الوجبة الى أن توقفت، على ما أظن عام 1400هـ.
والله من وراء القصد.