سعد البازعي
مشهد محفور في الذاكرة ضمن مشاهد عزيزة أخرى. ذلك كان دخولي على مكتب الشيخ عبدالله بن إدريس في مكتبه بنادي الرياض الأدبي في مقره على شارع الأحساء بحي الملز قبل انتقاله إلى مقره الحالي. كانت فيلا متواضعة ولم يكن المكتب فارهاً. رحب بي الشيخ وطلب ملخصاً للمحاضرة قدمته له بعد أيام قليلة فوافق على الفور في أن ألقي تلك المحاضرة التي قدمتني لجمهور لم يكن أكثره يعرف من أنا. لكنها معرفة ما لبثت أن تنامت نمواً لم يكن ليسه لولا إتاحة الفرصة لي للتحدث في أهم منبر ثقافي وأدبي في الرياض بل وفي المملكة أواسط الثمانينات الميلادية. وأن تأتي الموافقة على إلقاء المحاضرة من رجل كان قد حفر اسمه في ذاكرة الثقافة السعودية بكتابه الشهير «شعراء نجد المعاصرون» وأعمال شعرية معروفة فضلاً عن إدارته لأحد أهم الأندية الأدبية السعودية، كان ذلك بحد ذاته تكريماً وشهادة طالما شعرت بالاعتزاز بها وأثرها الكبير على مسيرتي.
في السنوات التالية عرفت الشيخ عبدالله -رحمه الله- عن قرب، حين رحب بمبادرتي لإقامة لقاء حواري أسبوعي في النادي تحت مسمى (الاثنينية) استمر أعوام عدة، ثم حين اختارتني وزارة الإعلام عضواً في مجلس إدارة النادي الأدبي. طوال تلك السنوات، كان الشيخ عبدالله بشوشاً مرحباً وداعماً. اختلاف وجهات النظر بيننا في بعض القضايا كان ظاهرة طبيعية وصحية لم تؤد إلى أن يتخذ موقفاً أو يعيق نشاط، بل على العكس تماماً. فقد عملت في هيئات تحرير مجلات للنادي ومحاضراً لمرات عدة ومديراً للقاءات إلى غير ذلك من أوجه النشاط التي كان تحظى بدعمه ومباركته.
واليوم ونحن نودع ذلك العلم فإن أجل ما يمكن أن نفعله هو أن ندعو الله تعالى أن يجزيه عنا خير الجزاء وأن يجعل مثوبته فردوسه الأعلى. لكن للشيخ بالتأكيد حق على الوطن في أن يحفظ ذكراه بالطرق التي تليق بالوطن وبه.