أ.د.عثمان بن صالح العامر
بعد مغرب يوم الاثنين المنصرم 4 أكتوبر 2021م توقفت عن العمل التطبيقات الأساسية في الهواتف الذكية فجأة دون سابق إنذار وبلا علم أحد، حينها صار الكل يتساءل متعجباً مما حدث، ومتكهناً بما سيحدث جراء هذا الانقطاع المفاجئ لوسائل التواصل الاجتماعي التي أضحت اليوم من أساسيات الحياة سواء لدى الأفراد أو المؤسسات والحكومات.
وبعيداً عن تداعيات هذا العطل الطارئ، ودون الخوض في تقصي الأسباب، وبلا انسياق وراء ما قيل وما قد يقال، أعتقد أن الدرس الأهم الذي يجب أن نعيه جيداً أن هناك في هذه الدنيا لحظات قادمة لزاماً ستمر على كل منا يتوقف شيء ما مما نعده من أساسيات الوجود التي لا يمكن أن نستغني عنه أبداً، لحظات تتغير فيها أحوالنا وتتبدل دون إرادة منا وبلا سابق إنذار، وصولاً إلى اللحظة الأخيرة التي لا رجعة بعدها إلى هذه الحياة الدنيا.
ولذا ليكن الواحد منا مستعداً لمثل هذه اللحظات الصعبة التي يشعر الإنسان حينها بأنه أعجز من أن يغير ما هو مقدر عليه ومكتوب، وما له إلا أن يتلحف بالصبر ويتدثر بالدعاء، ويطلب الأجر من الرب سبحانه على ما حل به من بلاء. وصدق الله عز وجل إذ يقول مبيناً سنة من سننه في خلقه بهذه الدنيا {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (سورة البقرة: 155).
ليكن في ذهنيتك أيها القارئ الكريم أن التحول والتكور في حال الأفراد والمجتمعات بل في حال البشرية جمعاء سنة من سنن الله سبحانه في خلقه بهذه الدنيا فلا تركن إليها كثيراً، ولا تطمئن لها وتعتقد أنك سالم من لحظات التوقف والانقطاع أياً كان لون هذا الانقطاع ومهما كانت أسبابه.
شركات عالمية عملاقة، عابرة للقارات، ومتجاوزة للمحيطات، ومنتجاتها وتطبيقاتها بين يدي غالبية من على الكرة الأرضية ومحمية بسياج تقني محكم ومع ذلك كله تسرب إليها الخلل وكان العطل ولساعات.
ليس هذا المثال الوحيد الذي يمكن أن يساق هنا مبرهناً من خلاله في أن الحذر لا يغني عن القدر، وأن الواجب أن نفهم وندرك طبيعة الحياة، ولا هو الشاهد الأبرز للحالات الحرجة في مسار البشر، أذكر مثلاً عندما غزا صدام الكويت نام أهلنا هناك وهم يملكون المال وعندهم الثروات وفي الصباح لا شيء، وعلى ذلك قس، حفظ الله الجميع، ووقانا شر الأقدار، وإلى لقاء والسلام.