محمد العلي رائد من رواد الحداثة الشعرية والأدبية في المملكة. راهن على المختلف فكان مختلفاً ومجدداً. لم تشغله الصحافة عن تنظيراته الأدبية وإبداعه الشعري رغم أن عطاءه الصحفي لم يكن أقل جودة عن إسهامه الأدبي والفكري.
حافظ خلال مسيرته على مبادئه الأدبية وقيمه الثقافية، ولم يتقهقر أمام خصوم الحداثة، فكان خير من دافع عن مشروع الحداثة بإيمان عميق واستشراف للمستقبل.
أذكر من مواقفه الأدبية عندما قدمت ورقة في ندوة عن الأديب الراحل عبد العزيز مشري. فبعد أن أنهيت ورقتي جاء وأثنى على الورقة، فشكرته، فقال لا تظن أنني أجامل، وقال إنه قليل الثناء إلا لما يستوجب. أكبرت موقفه هذا مع أنني لم أكن على اتصال به أو معرفة عن قرب، لكنه قدر الورقة بحسه النقدي بعيداً عن أي اعتبار لأي شيء آخر.
محمد العلي صاحب رؤية ثقافية ثاقبة أثرت في جيله والأجيال اللاحقة، وأهمها البحث عن المختلف.
وقد تحقق الكثير من رؤيته الأدبية عندما تبلورت حركة الحداثة في الثمانيات الميلادية بشكل لافت، وانقسم المشهد حيالها وتحولت إلى الشغل الشاغل للمجتمع، ولم تعد قضية أدبية معزولة. كان محمد العلي يقود لحظة التنوير هذه بوعي الأديب وجدية المثقف، إذ نازل بقلمه تيار الصحوة الذي وظف الدين في الصراع حول الحداثة الأدبية.
لا شك أن التاريخ لن ينسى جهوده هذه، ولعل هذا الملف تمهيد لرصد مسيرة العلي الأدبية والفكرية والإنسانية.
** **
- حسن النعمي