«كنت قريباً منه.. وربما الأقرب من الآخرين، حيث عملت تحت إدارته طوال فترة عملك محرراً بجريدة اليوم إبان رئاسته لتحرير بالجريدة» تلك العبارات التي قالها صديقي بويوسف المُعِد لملف تكريم الأستاذ محمد العلي؛ وهو يشرفني بطلب المشاركة بكلمة حول أستاذنا الكبير محمد العلي. وفي حقيقة الأمر؛ إنني كنت أقل المحررين اختلاطاً بالأستاذ ؟ بل إنني أجهلهم به فيما خلا إطلاق التحية للرئيس من عند باب مكتبه بالجريدة المفتوح دائماً! ولعل ملامحه الجادة التي توحي بهيبة الرجل، ووقاره اللذين بفرصان حدوداً للتعامل معه ؟ حتى أنني اعتقدتُ أنه شخصية لا تعرف للابتسام طريقاً؛ فما بالكم بالتبسط معه.. وأنا مجرد محرر غير متفرغ بقسم الفنون الذي يصدر صفحة واحدة في الأسبوع ؟ لم أدخل مكتب رئيس التحرير طوال فترة عمل الأستاذ العلي ؟ حتى أنني لم أجرؤ على طلب صرف مكافأة نظير عملي التحريري! وكانت أول مرة أسمع فيها صوته من خلال الإذاعة السعودية في وقت متأخر من الليل في لقاء إذاعي أجراه الأديب الأستاذ حمد القاضي، وأذكر أنه قدم نفسه قائلاً: أنا محمد عبد الله العلي من ( العمران ) بالأحساء ! شدني حوار القاضي معه واستمتعت بحديث العلي؛ وبعد ذلك استمعت إليه عن قرب في مجلس الصديق الأستاذ شاكر عبد الله الشيخ رحمه الله .. وكان العلي قد غادر ( اليوم ) ثم توالت اللقاءات فيما بعد؛ في منزله العامر ومجالس الأصدقاء الزملاء في الدمام والظهران والخبر ! ولا أخفيك أنني اكتشفت أن أبا عادل - فوق ملامحه الجادة ووقاره - يعرف الضحك، ويروي الحكايات والنوادر، والممازحة ! لم يفاجئني مخزونه الأدبي والشعري، وقدرته على إدارة النقاش و.. الجدل ! كان يحاجج بثقة الخبير، ولم يجد الحرج في الإيماء إلى إيجابيات خصومه من رموز الأدب والشعر التقليديين ! محمد العلي- كما عرفت - هو معلم ومفكر وناقد؛ زيادة على كونه شاعراً كبيراً مميزاً. وهو إلى ذلك، كاتب إنساني متعمق ثاقب، يتحسس قضايا مجتمعه والعالم المحيط، ويختصر همه بوضع الأصبع على الجرج في عبارات رشيقة بمفردات منتقاة، ولا يقترح الحلول ! إنه بهذا؛ يستدعي جمهوره لفهم المشكلات واستيعابها ويشرِكُه في إيجاد الحلول !
** **
مبارك العوض - صحفي