محمد العلي هو ذلك الأديب الشاعر، والكاتب الفريد، ابن بلادنا الذي تجاوزت مكانته الأدبية حدود بلاده، أديباً عربياً مجدداً، استجاب لكينونة الأدب كائناً حياً تتجلّى أصالة الكتابة شعراً ونثراً في إبداعه، لمحافظته على أدوات الكتابة الأدبية وتسخيرها لأدبه، فهي أدوات مطواعة لذائقة المبدع الأصيل.
وهو صاحب عبارة أنيقة وبيان جلي، بالغ التأثير في المتلقي شعراً كان أو نثراً، يكتب بمقدار ما يستدعي الموقف الذي يستدعيه للكتابة، دون إطالة مملة أو قصر مخل. آخذاً بأساليب التواصل الثقافي مع قرائه ومعطيات التجديد المتجددة. وفي اعتقادي هذا هو التجديد الذي تستجيب له ذائقة الإنسان المدرك لمعاني الجمال. وجمال الكتابة هو الجمال الذي لا يبلى. وأقرب دليل على ذلك مقاله الأسبوعي في مجلة اليمامة المتجددة بلمسات الأستاذ عبدالله الصيخان المشرف على التحرير، وهو الجدير برئاسة تحريرها للنقلة النوعية التي خطتها «اليمامة» في عهدها الجديد المعزّز بإشرافه وتقدير مجلس إدارتها الواعية وصفوة كتّابها.
عندما ظهر التجديد في الشعر كنت كغيري من غير المتقبلين له ولاء للشعر القديم وأنماط التجديد فيه. تجديد متواتر بدءاً من صدر الإسلام وما تلا ذلك من عهود. ويعود السبب في عدم التقبل إلى مشارب المجددين المتعددة وبخاصة من لم يحالفهم تجسيد معنى التجديد، فغلب النزق والرفض والمقت على شعر بعضهم حتى اختفت معاني الجمال في شعرهم إلا قليلاً منهم، مثل محمد العلي الذي أثنى على شعره كثير من النقاد، وبخاصة ما ظهر منه في المجلات الأدبية العربية وفي المحافل الثقافية التي مثَّل المملكة فيها خير تمثيل، ودحض ما زعم بعضهم بأن بلادنا خارج كوكبة المجددين، فكانت التفاتة النقاد إلى شعر العلي التفاتة ردت إلى الأدب السعودي ما يتمتع به من استجابة للتجديد.
لست من يحكم على شعر وأدب العلي فلست غير متلق يطربه الإبداع. ويطيب لي أن أذكره بقصيدة الكرنك للشاعر أحمد فتحي:
حين ألقى الليل للنور وشاحه
وشكى الطل إلى الرمل جراحه
يا ترى هل سمع الفجر نواحه
بين أنغام النسيم العاطر
حفظ الله مبدعي بلادنا وأسبغ على العلي نعمة الصحة والعافية.
** **
- عبدالرحيم الأحمدي