أبوعادل فقيه، شاعر، أديب، مفكر مجاهد. تحتويه كل الأسماء والصفات الجميلة، ولكنه يحتوي بإنسانيته الكل، فيه من الفقهاء الحكمة، ومن الشعراء الدقة، ومن الأدباء الرؤية، ومن المفكرين الفلسفة، ومن المجاهدين الصبر، ومن الحياة حب الوطن، ومن التربية الصدق.
أخذ على نفسه هم تغيير ( الفكر الاجتماعي ) في منظومة القيم والثوابت، رغم انصرافه في مرحلة مبكرة إلى التصوف، وبين ( نمو المفاهيم ) و( البئر المستحيلة ) كتاباه الصادران عن نادي الرياض الأدبي، ما يشئ تلك الحالة الفاصلة بين التصوف، والحداثة التي كان أحد رموزها، في حلقاته الألمبيه الصادرة عن نادي تبوك الأدبي، ما يعزز تلك الريادة. وإن كانت مجموعته الشعرية تأخذك إلى شخص مختلف تماماً، يفلسف الواقع. ويقرب المستقبل، ويستقربؤ الماضي، وذلك هو محمد العلي الذي تعرفه وأعرفه عبر نصف قرن من الجهاد كما يحب أن يوصف، عرفته عن قرب بعد أن جمعني به صديق الجميع أبويعرب، مضيفاً إلى مكارمه مكرمة جديدة ثمينة. منذ ثلث قرن من الزمان رافقته في الداخل والخارج فترات متقطعة ولكنها ثرية، حيث رأيت الوجه الحقيقي لمحمد العلي الإنسان، هدوء يحمل في ثناياه الوقار، علم تتدفق منه المعرفة، سماحة تواري خلفها نبل وكرم، ابتسامة تتسامى على كل الصعاب، وجه تأسرك ملامحه العربية الحقة، صوته يتهادى في سمفونية تتعالى على الصخب والضجيج، تقودك إلى عالم من السكينة والأمان، قلب يحمل الحب ويتسع للكون، لا مكان فيه للضغينة أو البغضاء، تتدفق بين شفاهه الكلمات نهر عذب حسن شرابه، لا تأخذه الأضواء رغم وهجها يمنة ويسره، ولا يشده الغرور والتعالي مفعم بالرضا، مستطيب ومستطاب لا تأسره مظاهر الحياة، حقه فيها ومنها رغم ما هل بين يديه وأمام عينيه من سوانحها، ممتع في مجلسه، رفيع في فكره، شامخ في حضوره، يأسرك بما يتملكه من قيم وخلق لم تغيره السنون، ولم تغيبه تسعة وثمانون عاماً اللتي مرت به منذ صرخ للوهلة أولى على الحياة في عمران الأحساء ????م بأنه قادم.
** **
- د. محمد عبد الكريم السيف