قبل سنوات مضت كانت معارض الكتب تعتمد على هوية وفكر معين، وكان السائد فيها ما تمليه الجامعات، حتى أصبح ما فيها يتعلق بطلابها وما يحتاجونه من مراجع، الفارق الذي يضعه المعرض أنه يقدم عرضاً مناسباً في التسهيلات المالية للطلاب تحت مسمى كبير اسمه معرض الكتاب والذي تقيمه عدد من الجامعات.
وكان الذي يذهب ويتردد على بعض معارض الكتب العربية يلمس الفرق الواضح في ذلك لا من حيث العناوين ولا دور النشر ولا المساحة الخدمية التي تقدم لزائر المعرض دون تدخل في تحديد ذائقته أو تصنيف فكره وتوجه إنما هو كتاب يطرح ويتاح، وأزعم جلياً أن هناك محاولات متعددة الأساليب والطرق في تسريب وتهريب بعض الكتب لصعوبة الدخول إلا أن الواقع العلمي والتقدم التقني أسهم في فك الحدود والتجاوز عن كثير من الإجراءات التي لها ضوابطها ومكوناتها في ذلك الحين.
وقد طرأ تطور لمعارض الكتاب في السنوات الأخيرة وصنعت حراكاً ثقافياً وتنافساً الكل يذكره ويشكره خاصة في معرضي الكتاب في الرياض وجدة إبان إشراف وزارة الإعلام عليهما.
واليوم ونحن نعيش تحت ظلال ومعطيات الرؤية التي انتصرت للثقافة من خلال إنشاء وزارة مستقلة للثقافة للإيمان الكامل بهذا المخزون الثقافي الذي يزاحم الكثير من الدول ثقافة وانفتاحاً ونشراً وتسويقاً في صناعة الكتاب.
ويأتي معرض الكتاب بأبوته الشرعية وزارة الثقافة بحلة جديدة بعد أن امتدت الثقافة متجاوزة الكتاب كجوهر خاص إلى الفنون الأخرى رغم مزاحمة الظروف الصحية التي اجتاحت العالم إلا أن الحضور الثقافي كان أقوى وجاء المعرض الذي لا يسلم من انتقاد وإضافة محبيه في التوسع في التميز نحو الأفق ومن ذلك:
- بعض المراكز والمؤسسات التعليمية لا جديد فيها إنما تقدم تعريفاً يمكن أن يطلع عليه الزائر في موقعهم على شبكة الإنترنت، وتتاح المساحة إلى دار نشر أولى أو تتوسع إحدى الدور النشطة في ذلك.
- إيقاف الأنشطة بالتعريف بالجهات. ودور النشر من توزيع النشرات لأن في ذلك استهلاك للورق والمطبوعات وانتشار وجودها بطريقة غير حضارية والاكتفاء تقنياً في ذلك.
- اختيار ضيف شرف للمعرض هو اختيار موفق، مع اختيار جانب ثقافي تمتاز به بلادنا لقراءته ودراسته وبحثه وهو امتداد لقراءة الوجه الثقافي لها.
- إضافة تكريم يبني ويعزّز، كتكريم أفضل دار نشر في طبيعة المادة العلمية التي تنشرها، وتكريم مؤلف أعلى بيعاً، وأفضل محرراً، وصحيفة، لأن الانتقاء ميزة.
- أن تكون هناك مبادرة من دور النشر المشاركة والمؤسسات بإيداع نسخ كإهداء لمكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبد العزيز، تأكيداً على أن للكتاب ووجوده وحضوره هو إستراتيجية يعمل عليها الجميع.
الثقافة تأتي حاضرة وقد تجاوزنا مفهوم المعرض الذي يعرض الكتاب إلى المفهوم الأبعد في بناء التنمية المستدامة التي تركز على بيئة الإنسان وتفكيره وتعليمه وبعده الثقافي والاجتماعي في مكونات ترتقي بالذائقة الإبداعية والثقافية في وطن منبعاً وموطناً للفكر المتوازن والثقافة الأصيلة.
** **
- عبدالله بن سليمان السحيمي
E-Mail: Alsuhaymi37@gmail.com
Twitter: @Alsuhaymi37