د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** التقى به في ممرات الإذاعة وبعض إداراتها حيث تعاونا معًا في وقتٍ متقارب؛ فكان مترجمًا وصاحبُكم مذيعًا، وربما قدّم له – مع آخرين- فقراتٍ في برنامج «نسيم الصباح» مختصةً بالإصدارات الثقافية الأجنبية، ولم يكن هذا مفتتحَ العلاقة به؛ إذ سمع عنه كثيرًا، وبخاصةٍ من والده رحمه الله؛ فقد تقاربا عمرًا (الوالدُ أسنُّ منه قليلاً) وجمعتهما في شبابهما دوريةُ صداقات ومشتركُ قراءات.
** أتقن أستاذنا «أبو عدنان» الإنجليزية بجانب الفصحى وفوقهما العاميةُ القصيمية، وحفظ الشعرَ الشعبيَّ وتفوق في الاستشهاد به ومعرفة شعرائه، واحتفى بفنّ الحوطيّ والسامريّ، عدا كونه شاعرًا وكاتبَ عمودٍ منتظمٍ وذا أسلوبٍ رشيقٍ ومعلوماتٍ ثريةٍ، وفي جهوده سعيُه إلى ردّ المصطلحات الشعبية لأصولها العربية والأجنبية، وتسندُ هذا ذاكرتُه الإعلاميةُ الخصبة، وأرشيفُه المليء، ولو أنصف نفسَه لنثر بعض كنوزه بصورة سيرةٍ أو مذكراتٍ أو ذكرياتٍ أو ما طاب له تسميتُها.
** الأستاذ عبدالعزيز بن محمد الذكير من جيل الرواد الذين تقاعد أو أُقعد معظمُهم، وعندما طال المؤسساتِ الصحفيةَ ما طالها قلَّ ظهورُه الكتابيّ عدا مقال أسبوعيٍ قصير، وصفحةٍ في الفضاء الرقميّ، وحضور نادر في المناسبات الثقافية والمجتمعية، وحقُّ النشء على مثلِه أن يكثفَ محاضراته عبر الأندية والجمعيات، وأن تكرمَه مدينتُه التي آثرها بالكثير من كتاباته واستشهاداته، وإذ لم يلتق صاحبكم بالشاعر الكبير الأستاذ عبدالعزيز المسلم رحمه الله فقد حرَص على جمع شعره وتقديمه فصدر ما تمكن من حصره في ديوانٍ أسماه باسم إحدى فرائده: (المُر والأمر)، وسبق ذلك تواصلٌ مباشر مع صديقَيْ الشاعر الراحل الأستاذين: عبدالله العوهلي غفر الله له الذي أمده بملفٍ عنه، وأبي عدنان الذي لم يبخل بإشاراتٍ حوله.
** صدر له أكثر من كتاب لعل أهمَّها: (أمثال ومصطلحات في اللغة الإنجليزية) وصدر عام 1997م، و(نافذة الرأي) عام 2011م وجمع فيه قرابة مئتين وخمسين مقالًا مما احتوته زاويته الصحفية بجريدة الرياض، وكتب مقدمتَه معالي الأستاذ جميل الحجيلان الذي وصف الكتاب بأنه معلوماتيٌ شمولي قصير العبارة واضحُها، وعزا ذلك إلى معايشته اللغة الإنجليزية وانتهاجه أسلوبها، وفي مفارقات النشر سقوطُ التقديم سهوًا وإلحاقُه بالكتاب منفصلًا في طبعته الأولى.
** استشهد الأستاذ عبدالعزيز الذكير في مقالة قديمة له ببيتٍ للشاعر العامي النابه علي أبو ماجد يحثُّ صحبَه على تخفيف العشاء كما يفعل أهل الشام:
مرُّوا (مَرات) وطرّقوها مسيمين
عشاكُم الليلة مثل شغل الاشوام
والظنُّ أن زاويته تشبه المطبخ الشاميّ؛ فهي لذيذةٌ وخفيفة ولا تكلف قارئها عناءً ولا كاتبها أعباءً وفي الوقت نفسه تُغني وتُشبع.
** المنهج هبةٌ والأسلوب موهبة.