عبده الأسمري
رغم ثورة التقنية والمعلوماتية إلا أن معارض الكتب أرضخت «الشاشات « الرقمية و «الألواح « الإلكترونية على «الانهزام « وعلى «الاندحار « أمام موجة من الوعي الثقافي الذي يرسم مشاهد الاحترام للكتاب ويسجل محافل التقدير للورق في «ثورة « معرفية أعلنت «الانتصار « أمام عتبات «التغير « ورفعت «الاقتدار « حول متغيرات «الزمن « ..
تعجبت كثيراً وأنا أنظر إلى بعض المنتجات الأدبية خلال الأعوام الأخيرة فقد رأيت أسماء جديدة ومؤلفات غريبة سواء في المحتوى أو الفكرة دخلت إلى ساحة «التأليف» تلك المنطقة «المحرمة « على الدخلاء والتي ترفض وجود «شوائب « تغتال مساحاتها البيضاء بأمر «الفكر « وسطوة «المعرفة « ولكني علمت أننا نمر بحالة من «التعدي « الثقافي على مساحات «المؤلفات « ويبقى الأمر في «محاكم « النقد التي تميز «الأصيل « من «المقلد « ويبقى «المتلقي « صاحب الكلمة المضيئة بسلطنة «الموضوعية « في الحكم على المنتج والاحتكام إلى المحتوى .
أوكل إلي قبل أشهر أن أحكّم مسابقة للقصة القصيرة وعندما اطلعت على النصوص وجدت «الفروقات « و «المفارقات « بين «ثلاث « فرق فالفريق الأول يمتلك المهارة وتجده شفافاً وأميناً حتى في ردوده ويعتز بإنتاجه برقي «أدبي «أما الثاني فنوع «مفلس « وتراه يحاول أن يجعل نفسه «مثقفاً بالفطرة « أو «أديباً بالصدفة « ونوع أخير يتشبث بمحاولاته مطالباً بالتعلم والاستفادة مما يؤكد أنه قد علم كل أناس مشربهم ولكن البعض يحاول أن ينزل ميداناً لا يقبل إلا المهارة ولا يقبل القسمة إلى على «الصحيح « فيكون مصيره «التراجع « ونتاجه « التقهقر «
دور النشر في المقام الأول «جهات « ربحية همها الأول «الكسب « بشكل عام ويبقى بعضها ملتزماً ومتمسكاً بوجود «اللجان « المتخصصة التي تدرس المؤلف الأدبي والمنتج الثقافي وفق خبراء وأدباء ينظرون إلى الإنتاج بعدسة الخبرة ويتعاملون مع المؤلف بمجهر المهارة فنرى أن «المؤلفات « المتميزة تملأ أجنحتهم فيما يقبع في صفوف أخرى «دور « تأخذ مسودات «الكتب « كبضاعة تزينها بالرسومات والتصاميم ثم تعرضها بين المنتجات مستغلة «رداءة « الذوق من عابرين أو «فضول « التذوق من سائلين وفي النهاية قد استلمت حقها مقدماً وتقول «هل من مزيد « من الربح.
أتمنى أن يكون لدى دور «النشر « لجان متخصصة لدراسة «الإنتاج « فهنالك دخلاء حولوا «الخواطر « الخاصة إلى «قصص « قصيرة والبعض جعل من «سوالفه « مع زملائه كتاباً معروضاً وأخريات حولن «تمتمات « الذات إلى «مؤلف « نال نصيباً مفروضاً وسط «عشوائية « خلقت «هوس « غير مقبول بتأليف ما أسموه بالكتاب والأجدى تسميته بالسراب الذي لن يلبث حتى يتلاشى.. ويظل «رقماً « في خانة اليسار وعلى هامش الفراغ ..
في زمن مضى كانت المؤلفات خاضعة لمؤشرات ومقاييس ومعايير فكان الماكث أمام «بائع « الكتب والمنتظر حول «أركان « المكتبات والزائر لأجنحة دور النشر يقف في «حيرة « أمام «خيرة « صعبة لانتقاء منتجات كل واحد منها ينافس الآخر في ظل تنويع وتشويق في وقت لا ينظر فيه المؤلف إلى «حفلات « التوقيع البائسة والتي كانت وستظل هدفاً للدخلاء على «التأليف « حتى يقحم «البعض « اسمه ضمن المؤلفين أو المؤلفات ويرسل «صورة « و «مشاهده « المصطنعة وكأنه الأديب اللبيب أو الأديبة المتميزة فيما لو وضع إنتاجهما على طاولة «النقد « لتمت التوصية أن يظل ضمن أوراقه الخاص أو كشكولها الملون .
تأليف الكتب فن وحرفة واحتراف تحتم أن يمتلك صاحب الاسم ومالك التوقيع والقائم بالمهمة «المهارات « و «المواهب « و «التجارب « الكفيلة بصناعة «صروح « المنتج « وصياغة «مشاهد « الإنتاج في تخصص واختصاص وخواص لا تقبل الدخول في مساراتها دون امتلاك الإمكانات ولا تتقبل الوصول إلى خطوطها دون تملك الأدوات لذا فان السباق المعرفي وان فتحت مساراته للمحترف وللمبتدئ وللمتمكن وللساذج فان العبرة بالنهايات التي تتوجها وتحتفي بها المنصات المعروفة بعيداً عن «الحفلات « المدفوعة وسيكون «الفيصل « في قيمة هذا الإنتاج رأي «محافل « النقد ورؤية جهات «التقييم «من «أهل « المعرفة ومن «جمع « الأدب ومن «جموع « الثقافة لأنهم المعنيين بالرأي ونتائج التفوق في اتجاهات الفرق ومراتب الفارق ..
** **
- كاتب وأديب سعودي