لم يزل الأستاذ الأديب الشاعر محمد العلي فكراً نيراً في المجتمع السعودي إذ يمزج بين الكتابة الفلسفية والمعلوماتية الثقافية التي تمد القارىء بنوع من الجرعات البسيطة التي تجيب على كثير من إبداء كتابته بطرح أسئلة فلسفية تحرك ساكن الموروث أو سائد المجتمع.
وكان بجانب مقالاته المتعددة في الصحف والمجلات السعودية يلبي دعوة من يدعوه للمشاركة في ندوة أو محاضرة تقتصر عليه.
وأتذكر أننا في التسعينيات الهجرية عندما كنت متعاوناً ثقافياً مع رعاية الشباب في الأحساء كان برنامجنا حافلاً بالمحاضرات العلمية والثقافية وكان الأستاذ محمد القشعمي أبو يعرب مدير المكتب حريصاً عندما نضع الجدول للموسم أن نستقطب محاضرين نوعيين يسهم عطاؤهم في عمق برنامجنا مما يحتاجه مجتمع الأحساء آنذاك ومن ضمن ضيوف أحد مواسمنا الثقافية الأستاذ محمد العلي والذي حرصنا أن يكون جمهوره نوعياً أيضاً لذا اخترنا جامعة الملك فيصل مكاناً للمحاضرة ولكون الأستاذ محمد له مريدوه كما له من لا يتفق مع طرحه كنا نتوقع أن تكون المحاضرة والأسئلة بعدها مثار نقاش وإثارة من رجل يحب الإثارة وتصطدم إثارتة مع كثير من المفاهيم السائدة اجتماعياً ومذهبياً وكان من ضمن طرحه ثناؤه على نجاح الخليفة عمر بن الخطاب سياسياً وعدم نجاح الإمام علي في خلافته، وذلك للفارق بين الاثنين بأن عمر رضي الله عنه كان رجل دولة وسياسة واجتهاد أما الإمام علي فكان رجل دين وتمسك بالنصوص (نصي) طبعاً المقارنة أثارت ضجة لأن المتحدث الأستاذ محمد من إخواننا الشيعة انتماء عائلياً وليس فكرياً، لذا أخذ بعض الحضور موقفاً منه من المذهبين السنة والشيعة بين المؤيد والمعارض وعندما نوقش كان يدافع عن رأيه الذي لا يقلل من قيمة رأيه في الشخصيتين البارزتين في تاريخنا الإسلامي بدورهما الذي يعطي لكل منهما مكانته دون نقصان وتميز كل منهما في شخصيته والتي كانت كل منها تكمل الشخصية الأخرى ويكفي أن عمر بن الخطاب يقول (لولا علي لهلك عمر وكل معضلة ولا أبا حسن لها) وقول الإمام علي رضي الله عنه لقد أتعب ابن الخطاب من جاء بعده، نعم هكذا حب أصحاب رسول الله لبعضهما والإقرار بدور كل منهما في حياة مجتمع الإسلام.
الأستاذ محمد العلي كنت قد شبهته في مقالة لي عنه في اليوم بأنه بالنسبة لنا كإحسائيين نخلة نستظل بظلها ونتذوق طعم نتاجها ونفتخر باخضرارها ونسعى أن تكون مكان اجتماعنا بكل أطيافنا الاجتماعية والمذهبية لأن النخلة رمز وطن ونبتة أرض وطن وحب جامع لا نختلف عليه أبداً.
أطال الله في عمر الأستاذ محمد العلي فهو أستاذ جيل بثقافته وعطائه يحترمه حتى من يختلف معه.
** **
د.سعد الناجم - أستاذ الإدارة والإعلام- جامعة الملك فيصل سابقاً، وكاتب وباحث في التراث