د.عبدالعزيز الجار الله
هل ستستمر سلطنة عمان تنام وتصحو على كارثة وفاجعة إعصار مدمر للأرواح والممتلكات؟ يزورها الإعصار كل 3 أو 5 سنوات خلال فترة من السنة طويلة من شهر مايو وحتى شهر ديسمبر، لا أحد يعلم متى يضرب بالأمطار والرياح والعواصف والسيول الجارفة، ومن أي مصدر يأتي من بحر العرب أو المحيط الهندي، فهل يستمر أهل عمان على هذه المواعيد السنوية من الفزع والرعب والخوف لأيام يرحلون بين الملاجئ والإيواء ورحلة الهم والحزن، هذه إرادة الله ولا اعتراض فقد قدر الله لهذا الركن من جزيرة العرب الجنوبي الشرقي مواعيد الإعصار الذي كما شاهدنا في إعصار شاهين كيف يقتلع المنازل والشجر والحجر والممتلكات الثابتة، كيف الأحياء السكنية تغمرها المياه من الأرض والسماء ورياح عاصفة شديدة ومفزعة تؤثر على نفسية السكان ممن هم واقعين في مسار الإعصار، تولد لهم ذكريات كئيبة يطول تداويها وعلاجها.
أمام سلطنة عمان بعض الحلول التي قد تسارع في امتصاص صدمات الإعصار نجدها في أجندة وخبرات الدول التي تتعرض للفيضانات والعواصف الموسمية كما هي أمريكا واليابان وبعض دول أمريكا الجنوبية ودول المحيط الهندي، ولسلطنة عمان بعض الخصائص الطبيعية والميزات البيئية الجغرافية ستساعد في الحلول:
- مساحة السلطنة تبلغ 309 كلم مربع، وعدد سكان يزيد على 4 ملايين نسمة، وهذا يساعد في الحلول خاصة انخفاض عدد السكان.
- تنوع وتباين جغرافية السطح، حيث تشكل جبال الحجر الشاهقة يصل ارتفاع بعض قممها إلى 3 آلاف متر، تشكل محورا رئيسا في تقسيم سطح عمان وهي ممتدة من الشرق إلى الغرب من أعلى مرتفعات مضيق هرمز شمالا وحتى الحدود اليمنية في أقصى الجنوب عبر ثلاثة مستويات من خطوط الجبال، كذلك امتدادات جبال ظفار العالية والسلسلة الطويلة التي تكون مع جبال الحجر مناطق ظل المطر وسياج وحماية.
- مرتفعات رمال أطراف الربع الخالي والأحقاف تكون بيئة من الاستيطان المستقر في الأقاليم الجافة بعيدا تقريبا عن أخطار السيول.
- تعتبر عمان من الأقاليم الجافة وشحيحة المياه العذبة، حيث تشكل أراضيها الصحراوية حوالي 80 في المئة من مساحة السلطنة.
تمتد سواحل عمان أكثر من 3100 كيلومتر من أعالي مضيق هرمز وحتى الحدود اليمنية، وتفتح على بحار: بحر العرب، بحر عمان، الخليج العربي، وهي تعد من مصادر الإعصار التي تبدأ منها أو تأتي من المحيط الهندي وهذا يحدد مكمن الخطر.
لذا تحتاج عمان إلى إضافة خطط حديثة للاستيطان والتوطين الجديد، يأخذ في الاعتبار مسارات العواصف والإعصار التي تم رصدها في سجلات عمان قبل 100 سنة مضت ومتوافرة لدى الجهات الرسمية، وإيجاد خطط مستقبلية لتوزيع المراكز السكانية والانتشار البشري والسكاني بعيد عن ممرات الإعصار ومجاري السيول، وهذا يتحقق - بإذن الله - بمساعدة وتكاتف الدول والمنظمات العالمية لتجنيب عمان الكوارث.