«الجزيرة» - عبدالعزيز بن محمد:
يقف الفنان السعودي رابح صقر على «أرضية» صلبة في موقعه المتقدم كأحد أبرز فناني الوطن العربي، هذه الأرضية صنعها «صقر» بعد نحو 40 عاما من مسيرته المليئة بالنجاح، وبناء جماهيرية عريضة يفخر بها ويعشقون أعماله.
بداية رابح صقر، لم تكن مزروعة بالورد والأحضان، مثله مثل بقية جيله الذي ناله من الحرب ما يكفي، فهذا الشاب القادم من الساحل الشرقي، بدأ يتلمّس طريقه، حتى قرر طرح أولى أعماله باللغة العربية الفصحى عام 1982م، وهي رائعة «يا نسيم الليل»، كانت ضمن ألبوم احتوى على 6 أغان.
كان الألبوم السابق، جواز سفر «رسمي» لانطلاقة صقر، فطرح بعده ألبوم «صابرين»، بأربع أغان، منها واحدة أخرى بالفصحى وهي «يا بريق الماء»، كان ألبوما «ذكيا»، رفد به مكتبته الغنائية الصغيرة آنذاك.
كل ما سبق، كان جهودا شخصية من رابح صقر، وكان اختبارا قاسيا له بمواصلة المسير نحو النجاح «المفرط» في طريق محفوف بالمخاطر، أو الاكتفاء والاستسلام، لكن القرار الأخير لم يكن يخطر بباله.
عرف عن رابح صقر تصميمه الشديد على تنفيذ فكرته مهما بلغت صعوبتها، وله قناعات لم تتغير منذ أول أيامه الفنية، ولذلك نال شهرة كبيرة في بداياته، وأثنى عليه كبار المطربين والملحنين. الفنان يجب أن يكون ذكيا، ولذلك كانت هذه الخصلة إحدى سمات رابح صقر يمتاز بها، وبها يبتكر خطواته وأعماله، حتى بات «سمة» حاول كثيرون تقليده، ثم هو اليوم «مدرسة». عن الذكاء نتحدث، ففي منتصف الثمانيات، طرح ألبوم «أنا والليل والقمرة»، حيث ضم أغنية خاصة بمناسبة افتتاح جسر الملك فهد بعنوان «جسر الخير»، كأول فنان يضع عملاً وطنياً في ألبوم عاطفي. في ألبوم «مغرورة» كان رابح من أوائل الذين أدخلوا الآلات الغربية في توزيع الأغنية، كما كان أول فنان خليجي يقدم اللون العراقي بأغنية «شوف ايش سوى».
من أهم أعمال صقر كان البوم «اكتب لها حرف»، وفيه تعاون مع الأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبدالمحسن والشاعر الراحل فائق عبدالجليل، ثم قدم الجلسات المطورة (سمرة 1) وكانت تحتوي على 6 أغان منها «صرخة الم» و»مغرورة».
استمر رابح صقر في الانتشار الجماهيري، كما توسعت علاقاته بكتاب الكلمة مثل عبدالرحمن بن مساعد ونواف بن فيصل وسعود بن عبدالله والسامر وهتان وبدر المليحي، مواصلا انطلاقته وترسيخ اسمه بألبومات متوالية.
معروف عن رابح صقر التوزيع الموسيقي هو مبدع في هذا الجانب، ولم يبخل على زملائه، بل قام بتوزيع ألبومات وأعمال لفنانين، مثل ألبومي الفنان عبدالكريم عبد القادر «شفتك» و «البارحة» وألبوم عبادي الجوهر «من عذابي»، والإشراف الموسيقي للألبوم الفنانة الراحلة رباب، وألبوم «غالي» لعبدالمجيد عبدالله، ونوال الكويتية منها «لا شك ترضيني» و»عادي»، والإشراف الموسيقي على البوم «ما حدا لحدا» للفنانة نجوى كرم.
وخلال هذه السنوات، وبعد كل هذا الجهد الكبير والتعب، يقطف اليوم رابح صقر ثمرة هذا العطاء بعشرات الأعمال وملايين المحبين من الماء إلى الماء، يقف اليوم متسيدا مكانه ومكانته، «ساحرا» محترفا، ومطلبا في كل مكان.