الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
أكدت دراسة علمية فقهية على جواز إقامة صلاة الجمعة في مسجد واحد أكثر من مرة لضيق المكان، وذلك وفق ضوابط سبعة شرعية حددها الباحث الدكتور صالح بن عبدالعزيز الغليقة أستاذ الفقه بكلية الشريعة بالرياض سابقاً في دراسته البحثية المعنونة بـ»تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد لضيق المكان».
وأشار الدكتور صالح الغليقة إلى أن القول بمشروعية إقامة الجمعة أكثر من مرة في المسجد الواحد بسبب ضيق المكان قول لا يُصار إليه إلا بالضوابط الآتية:
الضابط الأول:
أن يقع التكرار في الوقت المحدد لصلاة الجمعة شرعًا؛ لأن الجمعة صلاة لها وقت محدد، والله جلَّ وعلا يقول: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}.
الضابط الثاني:
أن يكون التكرار بقدر الضرورة فقط ولا يتجاوزها. بمعنى: أن الضرورة الداعية لتكرار إقامة الجمعة في المسجد الواحد لضيق المكان إذا كانت تندفع بتكرار إقامتها مرة ثانية فقط فلا يجوز تكرار إقامتها مرة ثالثة، وهكذا.
وذلك لأن كل فعل جُوِّز للضرورة إنما جاز ذلك الفعل بالقدر الذي يحصل به إزالة تلك الضرورة، ولا يجوز الزيادة عن هذا الحدّ، وهذا إحدى تطبيقات القاعدة الشرعية:(الضرورة تقدر بقدرها)، وبعضهم يعبر عنها بقوله: (ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها).
الضابط الثالث:
أن تكون الحاجة الداعية للتكرار بمعنى الضرورة؛ وذلك لأن الحاجة ستنزل منزلة الضرورة في مسألتنا هذه، ولن تنزل منزلتها إلا إذا كانت بمعناها. وذلك بأن يصيب الناس حرج شديد لو تركوا التكرار، أما إذا كانت الحاجة ليست بمعنى الضرورة، كأن يكون بإمكان من لم يجد مكاناً في المسجد الذي ضاق بأهله أن يذهب لمسجد آخر في البلدة نفسها، فهنا ليست الحاجة بمعنى الضرورة.
الضابط الرابع:
أن يكون عدد المصلين في الجمعة المكررة يعكس صورة الضرورة، أما الأعداد القليلة فبإمكانها أن تجد مكاناً ولو في زوايا المسجد وممراته،وحينئذ لا تكون الحاجة بمعنى الضرورة كما في الضابط السابق.
الضابط الخامس:
أن لا يكون إقامة الجمعة مرة ثانية في المسجد الواحد لآحاد الناس، بل يكون للمرجعية الشرعية في البلد، أو من هو موكل بشؤون المساجد فيها؛ لأنه لو كان الأمر لآحاد الناس لأدى إلى التلاعب والفوضى. وهذا الضابط مستفاد من فحوى كلام الفقهاء الذين قالوا: السنة أن لا تقام الجمعة بغير إذن السلطان فإن فيه افتئاتًا عليه.
الضابط السادس:
أن يعلم المسلمون أن تكرار الجمعة في المسجد الواحد لضيق المكان خلاف الأصل، وأنه حالة استثنائية دعت لها الضرورة والحاجة؛ لذا عليهم أن يسعوا للعودة إلى الأصل وهو إقامة الجمعة مرة واحدة في المسجد وعدم تكرار إقامتها.
الضابط السابع:
أن تُصلى الجمعة الثانية بإمام آخر غير الإمام الأول؛ لأن الأصل أن الفريضة لا تؤدى مرتين، لكن لو تعذر وجود إمام آخر فلا حرج أن يقيمها الإمام الأول، ويُستأنس لذلك بفعل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- حيث كان يصلي مع رسول الله العشاءَ الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.