إبراهيم بن سعد الماجد
قبل ما يزيد على سنتين، كتبت مقالة ضمن سلسلة من المقالات عن - رموزنا الوطنية - وكان فقيدنا اليوم الشيخ عبدالله بن إدريس أحد هذه الرموز الوطنية المشرفة.
وقد سردت بعض سيرته الذاتية، التي بدأت من مولده حيث ولد الشيخ عبدالله في حَرمة عام 1347, وحَرمة بفتح الحاء بلدة من إقليم سدير, وفيها تلقى تعليمه الأولي, وفي عام 1366 أي قبل أن يكمل عامه العشرين سافر للرياض استجابة لرغبة شيخه عثمان بن سليمان وبموافقة ومباركة من والده, وذلك رغبة منهما في أن يتزود من العلم الشرعي, فكان لهما ما أرادا حيث انضم فور وصوله إلى الحلقة العلمية لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم الذي كان يعد كبير علماء المملكة ومفتيها, وبعد مضي ما يقارب العامين على انضمامه لحلقة الشيخ ابن إبراهيم رأي الشيخ في هذا الطالب ما يؤهله بأن يكون معلماً، فعينه مدرسًا في المدرسة الفيصلية للعلوم الشرعية واللغة العربية, وفي عام 1370 تم افتتاح المعهد العلمي فقام ابن إدريس بتقديم استقالته من التدريس لينضم طالباً في المعهد العلمي السنة الثالثة الثانوي, وفي عام 1373 افتتحت كلية الشريعة بالرياض فانضم على الفور إليها دارساً ليكون ضمن الدفعة الأولى التي تخرجت من كلية الشريعة وذلك عام 1376.
بعد تخرجه رشح للقضاء لكنه لم يرغب فيه فتعين مفتشاً فنياً للمعاهد العلمية عام 1377 ليكون فيما بعد مديراً عاماً للتفتيش والامتحانات في رئاسة المعاهد العلمية, لينتقل عام 1379 مديراً مساعداً للتعليم الثانوي ثم مديراً للتعليم الفني, وذلك في وزارة المعارف, لينقل بعدها وبطلب من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ للعمل في مجال مختلف كلياً ألا وهو رئاسة مجلة الدعوة، فكان هو المؤسس لها فصدر العدد الأول في العاشر من محرم عام 1385 للهجرة. ليكون بعد فترة وجيزة مديراً عاماً لمؤسسة الدعوة الصحفية بالإضافة لرئاسته التحرير, بقي ثماني سنوات في العمل الصحفي ليعود بعدها لوزارة المعارف أميناً عاماً للمجلس الأعلى للعلوم والفنون والآداب.
- في عام 1396م انتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود أميناً عاماً للجامعة، ثم مديراً للبعثات والدراسات العليا، ثم مديراً عاماً للثقافة والنشر العلمي وعضواً في المجلس العلمي للجامعة, حتى توقف ركضه الوظيفي عام 1409 متقاعداً وفق النظام.
- ليعود راكضاً في حبه وعشقه فيرأس نادي الرياض الأدبي عام 1401 ويبقى على قمة هرم النادي ما يقارب 22 عاماً، ففي عام 1423 قدم الشيخ عبد الله بن إدريس استقالته من رئاسة نادي الرياض الأدبي.
وللشيخ عبد الله بن إدريس العديد من العضويات الأدبية والعلمية والصحفية, فقد منح العديد من الجوائز كوسام الريادة والميدالية الذهبية عن كتابه (شعراء نجد المعاصرون)، وله مشاركات في مسابقات شعرية فاز بها من إذاعة صوت العرب وإذاعة لندن، كما فاز بجائزة الخنجر الذهبي لشعراء المملكة.
حاز على ميدالية رواد المؤلفين السعوديين عام 2006 في معرض الرياض للكتاب.
ويطول بنا المقام لو أردنا استعراض كل ما حصل عليه رمزنا الوطني من تكريم.
اختم ببعض مؤلفاته حيث صدر له العديد من المؤلفات منها -كما أسلفنا- شعراء نجد المعاصرون، والشعر والشعراء خلال النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، وديوان في زورقي وكلام في أحلى الكلام وعزف أقلام، والملك عبد العزيز كما صوره الشعراء العرب، وديوان أأرحل أم ترحلين.
الشيخ عبد الله بن عبدالعزيز بن إدريس رمز وطني خدم في المجال الوظيفي بشكل لافت ومميز، وفي الأدب كان حاضراً محلياً وعربياً فكان خير من يمثل الوطن بأدبه الأصيل وشعره العذب.
كان رحمه الله على مسافة واحدة من جميع أطياف المجتمع، ناصحًا أمينًا، أديبًا رقيقًا، ذو ابتسامة مشرقة دائمًا، تأنس بحديثه، وتطرب لقصيده، رقيق المشاعر، مرهف الإحساس، أوابًا للحق، كما هو المؤمن.
رحل هذا الرمز الوطني تاركًا إرثاً ثقافيًا يعد مفخرة لوطنه.
رحم الله أبا عبدالعزيز الرجل دمث الأخلاق حسن المعشر. اللهم أكرم نزله وضيفه رضوانك، وجنة عرضها السموات والأرض.
الحمد لله الذي جعلنا مسلمين.