تُعد عزيزة بنت عبد الله بن محمد البطي مثالاً وأنموذجاً حياً يمثل المرأة السعودية التي لها السبق والأولوية والريادة في المجتمع السعودي إذا ما تحدثنا عن تاريخ تعليم البنات بالزلفي، إذ لها السبق الأول في الدخول للتعليم النظامي للبنات بمحافظة الزلفي كأول طالبة يدوَّن اسمها في كشوفات الدراسة في مدرسة البنات الأولى بالزلفي، على الرغم من التحديات الصارخة والكبيرة التي واكبت بدايات التأسيس الأول لتعليم البنات، وما صاحبه من معارضات من بعض فئات المجتمع والتي قابلها الفيصل الملك بحزم وعزم على المضي قدماً بافتتاح مدارس البنات بالمملكة عام 1379هـ بعد أن مر بثلاث مراحل: الكتاتيب والتعليم بالمنزل وبما عرف بـ«المطوعة» وهي التي تدرس البنات القرآن الكريم وعلوم الدين بالمنزل، ومن ثم التعليم النظامي الحكومي.
إذا عد تعليم البنات وتاريخه بالزلفي لا يمكن أن نتجاوز بالذكر والتوثيق اسماً بارزاً ولامعاً نقش لأولوية حضوره على المشهد في البدايات الأولى لتعليم المرأة بالزلفي، رغم التحديات والصعوبات التي كانت وقتذاك، إلا أنها الاسم الأبرز الذي ظهر على الساحة ليدون بداية سجل شرف وامتنان لها ولوالدها اللواء ركن متقاعد عبد الله بن محمد البطي والذي أيضاً له سبق الريادة، حيث يعد من أوائل إن لم يكن أول من التحق بالقطاع العسكري من أبناء الزلفي، إذ كان لتشجيعه ودعمه واتساع أفقه وفكره وبعد نظره الأثر الأكبر في المساهمة والمبادأة والمبادرة بتأسيس نواة التعليم النظامي للبنات بالزلفي بإدخال ابنته عزيزة كأول طالبة نظامية تلتحق بأول مدرسة تفتتح لتعليم البنات، رغم كل التحديات التي واجهها وواجهتها ابنته تلك الطفلة الصغيرة التي أصرت وأصر والدها المتفتح على آفاق المستقبل المبشر الواعد الذي أدرك ببصيرته أهمية وضرورة تعليم الفتاة، الأمر الذي جعله يأخذ إجازة استثنائية من عمله ليكون قريباً وداعماً ومشجعاً لابنته وبعاطفة الأب الجياشة.
ومنذ دخول الرائدة عزيزة البطي المدرسة بدأت تتعزز الثقة في بنات جيلها لتلتحق الواحدة تلو الأخرى بالمدرسة النظامية حتى أصبحت الحصيلة اليوم والناتج حسب آخر إحصائية دونت لتعليم البنات بالزلفي للعام الدراسي1442/ 1443هـ، إذ بلغ مجموع عدد الطالبات المنتظمات بمدارس تعليم محافظة الزلفي 8815 طالبة لعام دراسي واحد عدا ما تخرج منها منذ التأسيس الأول لأول مدرسة للبنات والتي كانت الرائدة عزيزة تمثل الرقم الصعب في أولوية التسجيل والسبق لريادة التأسيس الحقيقي، ولك أن ترى الرقم التراكمي لإعدادهن والذي يربو عددهن اليوم على أكثر من ست أصفار على يمين الرقم واحد والذي نقشته بنت الزلفي الأولى الدكتورة: عزيزة بنت عبد الله البطي، بمداد العطاء المتواصل كأول طالبة منتظمة بتعليم البنات بالزلفي ثم معلمة ومديرة وأكاديمية وعميدة إذ تُعد أول عميدة لكلية البنات بالزلفي، وأول امرأة تحصل على درجة الدكتوراه بالزلفي، حتى تقاعدت بعد سيرة عطرة ومشرفة ونجاحات متواصلة ومسيرة عطاء طويل زاخر بالأعمال والمواقف والتي كان لها أبلغ الأثر على طالباتها، إذ كانت محل قدوة واحتذاء وإعجاب خاص لهن جميعاً لدورها الرائد كأم وأخت ومعلمة ومربية وموجهة وناصحة.. فهنيئاً لها كل هذه المخرجات من بنات الزلفي والتي تسابقت وسائل التواصل الاجتماعي للإشادة بنساء الزلفي من حيث الستر والاحتشام والعفاف والذي كان للعميدة الدكتورة عزيزة دور معزز لترسيخ هذه الفضيلة وهذا الخلق الجميل في طالبات الكلية إبان عمادتها لها مع التربية اللاتي تلقينها من بيوتهن وآبائهن.
إذ عرفت الدكتورة: عزيزة البطي، بحسن إدارتها وتوجيهها وحزمها في المواقف التي يحتاج معها الحزم والذي لازمها طوال مسيرتها العملية حتى تقاعدت عام 1434هـ بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
وبعد مسيرة حياتية لرائدة من رائدات التعليم بالزلفي أجمع على ريادتها وسبقها الجميع نطالب بتكريمها التكريم اللائق الذي يليق باسمها وأعمالها وريادتها وأولوياتها التي لم يسبقها أحد إليها، إذ نطلب من مدير جامعة المجمعة إطلاق اسمها على مكتبة كلية التربية بالزلفي كما نطلب من مدير التعليم بمحافظة الزلفي إطلاق اسمها على إحدى مدارس البنات بالمحافظة تخليدًا لاسمها واعترافا بأسبقيتها ومسيرتها وأعمالها.. وختاماً نسأل الله أن يحفظها ويجعل ما قامت به في موازين حسناتها.