«الجزيرة» - خالد الربيعان:
في البداية أحب أن أشكر جميع من أسهم وشارك في هذا العمل الجبار ممثلة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وبالكادر العظيم في صندوق الاستثمارات العامة ممثلة بالأستاذ ياسر الرميان والعقول النيرة العاملة معه، دعوني أبدأ في خفايا وحثيات هذه الصفقة العملاقة والناعمة:
* الاستثمار في الرياضة: هدف تتبناه القيادة السياسية الرشيدة للمملكة منذ أكثر من 5 سنوات، قبل أن يعلن عن ذلك بشكل رسمي في رؤية 2030 واعتبار «صناعة الرياضة السعودية» أولوية في أجندة القيادة السياسية والرياضية بالمملكة لتنويع مصادر الدخل والانطلاق كقوة ضاربة في الاقتصاد العالمي بصفة عامة والرياضي بصفة خاصة.
* الاستعداد لذلك تم بتقوية المملكة لصندوق استثماراتها «صندوق الاستثمارات العامة السعودي»، كي يكون الاستثمار الرياضي الدولي السعودي قائم على أساس «متين»، وتمويل «قوي» جدًا يمكن أن يجعل أي استثمار رياضي سعودي ينافس أي تجربة أخرى ويتفوق عليها، خاصة أن الاستثمار الرياضي يتأثر بطبيعة الرياضة نفسها...»التنافسية» بداية من داخل الملعب وحتى خارجه.
* صفقة الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد أتت في «أنسب توقيت ممكن»، حيث انخفضت الكثير من أسهم المؤسسات - حتى غير الرياضية- مما يشكل فرصة جيدة للتحركات الاستثمارية على مستوى العالم.
* المفاوضات على شراء النادي أخذت الكثير من الشد والجذب، مما يدل على دراسة متأنية وأن هدف شراء «نيوكاسل» تحديدًا له أسبابه وأبعاده.
* نيوكاسل يونايتد فرصة ممتازة للاستثمار الرياضي وهو هنا بصورته «الدولية» حيث تتملك الدولة عبر صندوقها السيادي «المملكة « لمؤسسة عريقة بحجم نيوكاسل.
> هي حالة مشابهة لتجارب عربية أخرى والتي وراءها استثمار حكومي واضح ولأهداف تتعلق بالقوة الناعمة وهو مصطلح سياسي ونهج تتبعه دول متقدمة في عالم الاقتصاد الرياضي مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا وأخيرًا السعودية.
* النادي من حيث الشعبية له أكثر من 400 ألف مشجع ومحب في مدينته فقط، لأنه النادي الوحيد للمدينة بعد تجربة دمج ناديي نيوكاسل ايست وويست وتأسيس «يونايتد» منذ أكثر من 125 عامًا، فالنادي يشكل فرصة قوية للاستثمار بمؤشرات تبشر بنجاح مضمون: أولها: عراقة النادي، شعبيته داخل دولته.
* ثالث نقاط قوة نيوكاسل هو الدوري المنتمي له، الدوري الأول والأقوى والأشهر عالميًا «البريمرليج» الإنجليزي، وهو عامل آخر يساعد الملكية السعودية على إنجاح وتفعيل آليات التسويق والاستثمار الرياضي، فبيئة العمل الرياضي هنا «مشجعة» و»مساعدة».
* العلاقة الجيدة «مسبقًا « بين الجماهير العريضة لنيوكاسل يونايتد والملاك الجدد للنادي، ترى ذلك في السوشيال ميديا والإعلام الرياضي الأيام الماضية والاحتفالات الكبيرة أمام النادي فتجد موجة كبيرة من الترحيب بأخبار الاستحواذ السعودي ووضع بعض جماهير النادي كلمات الاستحسان والترحيب بهذه الخطوة.
* نظرًا للعلاقة المتوترة من جهة بين مالك النادي السابق «مايك آشلي» وبين الجمهور لإخفاقاته المتكررة وفشله في جعل النادي يصل للطموح الجماهيري، والاكتفاء بالبقاء بشق الأنفس بدوري المحترفين للحفاظ على مكاسب النادي من حقوق البث التليفزيوني التي وصلت لأكثر من 100 مليون باوند سنويًا.
* بنية النادي التحتية جانب آخر «جاذب» وعامل لاختيار نيوكاسل، لأنها جاهزة بشكل كبير، حيث تم تجديد وإعادة افتتاح ستاد النادي العريق «سانت جيمس بارك» في عام 2000، بالطبع التطوير هنا للبنية التحتية من قبل الإدارة الجديدة سيكون أسهل وأكثر سلاسة مما لو كانت حالة بنية النادي في حالة سيئة، وهو أمر له «ثمن» وأهمية كبيرة.
* بند بيع التذاكر أحد العوامل الجاذبة لصفقة الاستحواذ، أكثر من 50 ألف مقعد، في دوري يلقب بدوري «كامل العدد» حيث ثقافة الحضور الجماهيري في قمة ازدهارها ورواجها، مما يجعل مداخيل بند يوم المباراة - مبيعات التذاكر تشكل نقطة من نقاط القوة في هذا النادي تحديدًا.
* رياضيًا نيوكاسل يونايتد من الأندية الشهيرة عالميًا، وهو أمر آخر جاذب ومهم، حيث ضم الكثير من الأسماء الشهيرة عبر تاريخه، منهم الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي «آلان شيرر»، والمدرب الكبير «كيفين كيجان»، والأسطورة الإنجليزية «بول جاسكوين»، والنجم الذي يتذكره الكثيرون «مايكل أوين».
* البطولات التي يمتلكها النادي وهي»إرث»، يكون في اعتبار مالك النادي وادارته لأنه نقطة من نقاط القوة للنادي ويزيد من قيمته السوقية التي تكون في تصاعد بمرور الزمن، نيوكاسل يمتلك في دولاب بطولاته عدد لا بأس به من الكؤوس والألقاب أهمها لقب للسوبر الإنجليزي، الدوري الإنجليزي 4 مرات وكأس الاتحاد الإنجليزي 6 مرات.
* النادي السنوات الماضية لم يخرج من ترتيب أنجح 30 ناديًا على المستوى الاقتصادي، العام الماضي كان ترتيبه في المركز الـ 19 في الترتيب العالمي، مما يدل على ترتيب أقوى وأعلى بتفعيل إدارة محترفة للتسويق الرياضي وتمويل قوي.
* المدينة من المدن الصناعية - السياحية معًا، وهي نقاط بالغة القوة، فمن الناحية الأولى المؤسسات بالقطاع الصناعي والتجاري بالمدينة وحتى المدن المحيطة بها، ستكون ضمن احتمالات الرعاية والشراكة التجارية للنادي، مما يزيد من قوته المالية.
* الجانب السياحي - المرتبط بالرياضة- خاصة في إنجلترا قوي للغاية وحقل خصب لتفعيل آليات التسويق والإعلان، أكثر من 400 ألف نسمة بالمدينة يمكننا تخيل هذه القوة البشرية كقوة شرائية لسلع ومنتجات النادي والإقبال على متاجره، توافد الآلاف منهم على مدرجات النادي يوم المباراة، السياحة الداخلية والخارجية ستنشط حركتها بالمدينة العريقة جدًا والغنية بالمعالم والمزارات القديمة.
* أيضًا نيوكاسل يونايتد كاسم يعد جاذبا للمواهب الشابة، ونجوم كرة القدم حول العالم، واستعرضنا عدد من الأسماء التي ضمها النادي في صفوفه عبر العقود الماضية، وهذا باعتبار حالته الآن، أما عند وجود إدارة جديدة بتمويل قوي، و»مشروع رياضي» تصمم على إنجاحه : فهذا سيزيد من جذبه للنجوم العالمية.
* هذا حدث بالفعل في حالة مانشستر سيتي، حيث كان قبل الاستحواذ الإماراتي عليه في المرتبة الوسط من حيث الجاذبية للاعبين الكبار، وبالتمويل القوي أتى عدد كبير من أهم وأكبر الأسماء العالمية في عالم كرة القدم، حتى في عالم التدريب انتهاءً بالمخضرم بيب جوارديولا.
* لذلك بلا شك سنرى أسماء لشركات سعودية كبرى على قميص نيوكاسل وفي إعلانات المباريات والمؤتمرات الصحفية وفي الشراكات الإستراتيجية مع النادي كالشراكات البنكية والناقل الرسمي وتبني مشروعات أخرى كمتحف النادي ومتجره الرسمي، موقعه الإلكتروني ومتجره الافتراضي وأعمال توسعة ستاده التاريخي.
* التسويق للمملكة عبر مشروع «نيوكاسل يونايتد»، أمر مهم ومحوري لا بد منه وأعتقد أنه أحد أهم دوافع الاستحواذ السعودي للنادي الإنجليزي، منها - مثلاً - دعم السياحة السعودية، وهيئة الترفيه، ومشروعات الدولة العالمية التي يمولها صندوق المملكة السيادي مثل مشروع البحر الأحمر، نيوم، دعم الخطوط الجوية السعودية، شركة الاتصالات السعودية STC.
* ستاد النادي العريق وما يمثله من فرصة تعد مشروعا مستقلا للمستثمر الرياضي، كما في حالات «ستاد أرسنال - الإمارات»، ستاد السيتي - الاتحاد، ستاد أتليتكو مدريد - واندا متروبوليتان، دورتموند الألماني الذي يحمل ستاده اسم مستثمر هو إيدونا بارك، بايرن ميونخ - أليانز، وعلى نفس النمط يمكن جدًا تسويق أي علامة تجارية وطنية كبرى عبر زاوية «حقوق اسم ملعب النادي» NEOM STADUIM استاد نيوم.
* عدد كبير من الجماهير العريضة للنادي أيضًا توقعوا صفقات «قياسية» وتاريخية تشبه الانتقال التاريخي لمارادونا إلى نابولي وانتقال روبينهو للسيتي ورونالدو إلى يوفنتوس ونيمار إلى باريس، وآخرين توقعوا أن يصبح نيوكاسل يونايتد هو مانشستر سيتي آخر ولكن بآليات مختلفة وقوة أكبر تعتمد على «إرادة للتغيير الحقيقي والنجاح الرياضي - المالي».
* جانب آخر يضمن حدوث تغيير قوي وجذري في الرياضة الإنجليزية بالاستحواذ السعودي لنيوكاسل، وهو تصميم القيادة السياسية السعودية على إنجاح أول تجاربها في الاستثمار الرياضي، وهو أمر أكَّده عدد من الخبراء، حيث إن ذلك التصميم معناه إرادة قوية لتحويل أول تجارب السعودية في الاستثمار الرياضي «الدولي» لحالة ناجحة نجاح «تاريخي» تجعلها نموذجا لتجارب أخرى سواء داخل إنجلترا، أو خارجها سواء أوروبا أو القارات الأخرى.