عمر إبراهيم الرشيد
للشاعر السوداني الراحل إدريس جماع قصيدة تنم عن إحساس إنساني مرهف حيث يقول:
إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه
حتى أن العقاد عندما سمعها قال بأن هذه الأبيات لا يقولها شاعر عادي بل (مجنون) استحضاراً لوصف قيس بن الملوح بمجنون ليلى. فهل تعبر هذه الأبيات عن حظ السودان وشعبه الطيب في هذه المرحلة من تاريخه، وهو الذي يتوفر على 15 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، وعلى النفط والمعادن والثروة الحيوانية والنباتية، فالصمغ العربي على سبيل المثال يدخل في صناعة العديد من المستحضرات الطبية والعلاجية، وهو ما يصدره السودان إلى أمريكا ودول أخرى عدة، عدا عن الفول السوداني والذرة والدخن والعديد من المحاصيل التي لو استقر السودان سياسيًا وهو ما يأمله كل عربي ومسلم بمشيئة الله تعالى، فسوف يكون السودان سلة الخبز الوفيرة للسودانيين والمنطقة بشكل عام.
وإن من يستذكر الشخصيات السودانية ومن ضمنها المشير محمد سوار الذهب رحمه الله تعالى، والذي قاد انقلاب عام 1989م ثم سلم الحكم طواعية بعد عدة أشهر للحزب الفائز في الانتخابات، في بادرة هي الأولى لحاكم عسكري في العالم الثالث ومن النوادر في العالم أجمع، من يسترجع هذه الشخصية التي حظيت باحترام العالم يدرك بأن هذا البلد قادر على أن يأتي بمثل هذه الشخصية لقيادة هذا البلد الخير إلى حيث استقراره ورخائه بإذن الله تعالى. فالسودانيون شعب محب للمعرفة والقراءة ومن أكثر الشعوب اقبالا وحصولا على التعليم الجامعي في الوطن العربي، وهذا الشعب الطيب قادر كما قلت بإذن الله على تقديم شخصيات قيادية لإعادته إلى استقراره ورخائه كما كان فترة الخمسينيات والستينيات الميلادية.
الكتب الصفراء
كنت قد كتبت في مناسبة معرض الرياض الدولي للكتاب قبل سنتين عن أهمية تخصيص جناح للكتب الصفراء القديمة والنادرة، فقراءة كتاب أصفر معتق هي متعة بحد ذاتها لا يدركها الا من يعشق الكتب والقراءة. وكم هو جميل أن ترى ما تتمنى يتحقق، فمعرض الرياض لهذا العام متميز حقيقة، بعدد دور النشر المشاركة وجمال التنظيم وتعدد الفعاليات وتنوعها، ومن أجملها مشاركة دور النشر العراقية وإقامة شارع المتنبي بمكتباته ومقاهيه المشابهة لتلك التي في بغداد.
إذا فهذا المعرض الأكبر عربياً هو مصدر فخر لنا لتقوية الصلة بالكتاب والمعرفة، والقراءة والثقافة، وهو رافد حضاري سنفخر به كل عام بحول الله، إلى اللقاء.