عبده الأسمري
بين «شخوص» الروايات و»نصوص» القصص بنى «جسور» الإلهام بين أفكاره وابتكاره وأوقد «شموع» الاستلهام بين إبداعه وإمتاعه.
نفخ بأنفاس «الموهبة» في روح «الرواية» فاكتملت «فناً» أدبياً اعتلى «صروح» الريادة..
انتصر للبدايات فكان «الفارس» الذي أعلن لكتائب «المتلهفين» خلف أسوار «الانتظار» بشائر «الأدب» ملوحاً براية «الكتابة» محققاً غاية «الثقافة».
عزف على أنغام «التأليف» فاهدي «حلول» الفرج لجموع «المهمشين» الذي كانوا «أبطال» كتاباته.. وصعد على «سلالم» الألفة فأسس «أصول» الفضل لجمع «الروائيين» الذين ظلوا «أنصار» إنتاجه..
إنه القاص والروائي الشهير إبراهيم الناصر الحميدان رحمه الله أحد أبرز رواد الكتابة الروائية والحركة الأدبية في السعودية والخليج.
بوجه دائري هادئ الملامح مع تقاسيم نجدية تؤطرها سمات «الهدوء وتحفها صفات «الصفاء» وعينان تشخصان من خلف «نظارة» مقترنة بهندامه «الوطني» الأنيق المتكامل على شخصية ذات «بهجة» تميزها «ابتسامة» مستديمة في محيطات «البشر» وتبرزها «حكمة» دائمة وسط «مؤلفات» الفكر.. وكاريزما تتقاطر أدباً وتهذيباً قضى الحميدان من عمره «عقود» وهو يؤسس الرواية ويؤصل القصة وينشر المقالة ويوظف الكلمة ويوجه العبارة ليكون كبير «الأدباء» وخبير «المثقفين» وحامل «لواء» الروايات الذي كتب سيرته على «بوابات» الضياء وأبقى مسيرته وسط «اضاءات» العطاء.. أديباً وروائياً وقاصاً وكاتباً من «رعيل» الأساتذة ومن جيل «الفطاحلة» الذين أهدوا للوطن «عبير» المعارف وورثوا للأجيال «نفائس» الآداب..
في الرياض ولد عام 1933 وسط أسرة فاضلة بين أب متفانٍ وأم حانية علماه الأصول وأشبعاه بالقيم فنشأ في «دوائر» التوجيه متخذاً من مكتبة جده «العريقة» ركناً قصياً يقرأ فيه كل ما يقع تحت يده من مجلات أو مخطوطات أو كتب ليملأ بكلماتها وعباراته ومدلولاتها «فراغات» نهاره ويجيب بها على تساؤلات ليله.
امتهن والده التجارة مما استدعى انتقال الحميدان صغيراً مع أسرته إلى مدينة الزبير «نجدية» التاريخ بحكم التأسيس «عراقية» الجغرافيا بواقع الحدود وركض في شوارع العراق وحوانيت «المدينة» المكتظة بعوائل سدير والقصيم منصتاً لأحاديث «المارة» عن «معارف» البياتي والسياب والجواهري مستمعاً لأحداث «الأماكن» في «معالم» التنقل والسفر والترحال وتعتقت نفسه طفلاً بروائح «العود» في متاجر عائلته وتشربت ذاته باكراً لوائح «الصمود» في مناقب عشيرته.
اقتنص مبكراً «مواطن» الآلام في وجوه «الكادحين» ليحولها إلى «آمال» في «سجايا» الفالحين.. فظل يرتب «مواعيد» الكتابة على «عتبات» المساء محتفظاً بخربشات البراءة على ساعده الصغير لينقله صباحاً في ورقة بيضاء على كراسته المدرسية مائلاً إلى سرد «أحلام» العابرين وجمع «أمنيات» البسطاء لينسجها ليلاً جنباً إلى جنب مع «قصص» الجدات وحكايات «الأمهات» التي كانت وجبته «المفضلة» وجرعته «المنتظمة» قبل استسلامه للنوم.
درس التعليم العام في غربته وعاد للسعودية وعمل في عدة قطاعات خاصة وحكومية وامتهن العمل في كتابة المقالات وكانت الثقافة «همه» والمعرفة همته فكان يرى الوظيفة «فرعاً» والثقافة «أصلاً» فلجأ إلى «الأمكنة» التي اقتص من أطرافها «أجزاء» التجربة الروائية متخذاً من «الإنسان» بوصلة «الحكاية» ومن «الزمان قبلة الرواية ومن «المكان» صلة الهواية.. فأنشأ له «مقامه» الخاص من بصيرة «الاختصاص» الذي تعلمه من «تجارب» العمر واغترفه من «مشارب العيش.. أصدر روايات «ثقب في رداء الليل» عام 1961 و»سفينة الموتى» عام 1969 و»عذراء المنفى» عام 1978 و»غيوم الخريف» عام 1988 ورعشة الظل عام 1994 و»الغجرية والثعبان» عام 2000 و»دم البراءة» عام 2000 وأنتج عدة مجموعات قصصية وهي أمهاتنا والنضال عام 1959 وأرض بلا مطر عام 1966 و»غدير البنات» عام 1977 و»عيون القطط» عام 1994 و»نجمتان للمساء» عام 1998 وغيرها من الأعمال الأدبية وله مشاركاته المتميزة في الإذاعة والتلفزيون.. وتلقى الحميدان شهادات شكر وتقدير متعددة نظير أدواره الثقافية وتم تكريمه بجائزة المفتاحة للتنشيط السياحي لريادته في كتابة القصة والرواية ودرع الريادة في المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين وتم تكريمه من ناديي جدة وأبها الأدبيين وغيرها من محافل الاحتفاء الذي كان يزيدها تألقاً وتأنقاً بقامته ومقامه.
انتقل الحميدان إلى رحمة الله في شهر مارس 2013 ثم ووري جثمانه ثرى مقبرة النسيم وقد وصفت «الأوساط الإعلامية» و»الوسائط التقنية» وفاته بالرحيل المؤلم والفراغ الأليم الذي ترك موجات من «الوجع» في قلوب محبيه ووسط مشاعر أحبابه.
بعد رحيله ترددت أصداء مآثره واتسعت أنحاء أثره.. وجاءت الذاكرة الحية لتلتقط أنفاسها على «ناصية» رد الجميل الذي تراوح بين دلائل «العرفان» وبراهين الامتنان الذي تمسك به «الأوفياء» والفضلاء الذين وزعوا «عطايا» الأخوة وهدايا «الزمالة» وبين «سواءت» النكران وإساءات الخذلان الذي تورط فيه «الجهلاء» و»البوساء» ممن أنكر معطيات «المعروف» وجحد غنائم «الإعانة».
وتحت «سلطة» المنطق وسلطنة «الحقيقة» انتصر له «شهود» المحافل و»تلامذة» الكتابة و»أًصدقاء» الحرف و»رفقاء» الدرب ليكتبوا «المشهد» بمداد الأعتراف وسداد الأنصاف لقامة الأثر ومقام التأثير وقيمة التقدير التي بقت «ناطقة» و»مدوية» في آفاق الصمت وأرجاء التنافس.
إبراهيم الناصر الحميدان الأديب المكين والروائي الرائد والقاص الفريد الذي سيظل «اشعاعاً» ينير مدارات الأدب و»منبعاً» يروي واحات الثقافة.