إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا عبدالعزيز لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا -سبحانه وتعالى- {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
«مات» كلمة خفيفة على اللسان، سهلة النطق، لكن أثرها عميق، ووقعها جلل.
«الموت» كلمة تخبرك بأنك ودعت من يُحبك وتحبه، ومن له مكانة في قلبك وحياتك، في هذه الحياة، ليكون كل ما كان من الذكريات.
«الموت» حق على كل حي {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} نتقبله بقلوب راضية بقدر الله -عز وجل-.
رحل أبو عبدالعزيز، علي بن راشد بن فوزان الفوزان، مساء يوم الأربعاء 29 صفر 1443هـ؛ وشيعته محافظة الشماسية بعد صلاة العشاء من جامع ابن باز في المحافظة، في مشهد مهيب، إلى مقبرة (الجال) بالشماسية، جنازة الرجل صاحب الابتسامة المضيئة والوجه الطلق، جميل الروح والقلب الطيب، نقي السريرة، صادق الحديث، الذي زرع حبه في قلوب الناس دون تصنع أو تكلف أو ضجيج، فتقبله الجميع وبادلوه الحب حبًا وتقديرًا واحترامًا.
وتقبل أبناؤه وإخوانه وأبناء الأسرة والمحافظة ومحبوه العزاء فيه، وأثر مفقده واضحاً على محيا الكبير والصغير وتعابير وجوههم تقول وداعاً أبا عبدالعزيز، فأثرك الذي حفرته بصفاء باقٍ.
لم يعش -رحمه الله- لنفسه ولا لدنياه، كان صبوراً جلداً لا يشتكي؛ بل عاش بسيطاً خفيف الظل، كريماً يفرح بالقادم إليه، واصلاً للأقارب والأصدقاء والمعارف، يحب إدخال الفرح والسرور على الآخرين، جوادًا كريمًا شهمًا، صاحب خلق رفيع، وأخلاق فاضلة، أحبه الأطفال الصغار قبل الكبار، لسماحته ولطفه وبشاشته وابتسامته العريضة.
كذلك عرفناه وهذا ما شهد به كل من عرفه، فكان رفيع الهمة عالي الرأس، حسن التعامل والتصرف في المواقف التي تتطلب الحكمة والدراية. سيبقى أثر محبتك وعطفك يا أبا عبدالعزيز في قلوب الجميع، وسيبقى أثرك وبصمة تعاملك الحانية في نفوس كل من عرفك، فلئن غاب جسدك فما زال ما زرعته من خير ومحبة وصفاً نبراساً يتنفسه الجميع.
رحمك الباري وتقبلك وجمعك بنجلك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي سبقك قبل عام مضى (17 صفر 1443هـ) ليكون في استقبالك يوم رحيلك في جنات النعيم -بإذن الخالق الرحيم-.
عزاؤنا أنك قدمت على ربك بقلب سليم، وفارقتنا وأنت على شهادة الحق والإيمان ولله الحمد والمنة، فرحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، ورفع درجتك في عليين، ونسأله أن يلهم ذويك ومحبيك جميعاً الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل، وأن يوفقك ذريتك لبرك. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- سليمان بن صالح المطرودي