د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** لم يتخطَ الفاصلُ الزمنيُّ عامين أو ثلاثةً بين عودتها بشهادة البكالوريوس في الإعلام من جامعة القاهرة والتحاقها مخرجةً رسمية متفرغة في إذاعة الرياض وبين بدء «تعاونه» مذيعًا في إذاعة الرياض، ووفق ترتيبات الإذاعة في زمنها الأزهى فلم يكن متاحًا للمذيع الجديد الدخولُ مباشرة في تقديم البرامج وتنفيذ الفترات وقراءة المواجز والنشرات؛ فبعد اجتيازه التدريب الطويل الذي يستغرق أشهرًا يحتاج إلى التدرج في الظهور صامتًا برفقة مذيعين قدماء، فمشاركًا بصوته ضمن فقرات قصيرة في برامج مسجلة، أما التنفيذ على الهواء وتقديم المواجز والنشرات فحكايةٌ تطول وقد لا تتم.
** أُسند إليه - ضمن إسناداتٍ أخرى - ظهور صوته في برنامج (نسيم الصباح) الذي يُبث صباح اليوم التالي؛ فلم تكن برامج الهواء مهيئةً كما حدث لاحقًا، ومن حسن طالعه أن تناوب على إخراج ذلك البرنامج الأستاذ القدير محمد نور أبو ناصف، والمخرجة المتميزة نجاح بنت عبدالله الصالح أبا الخيل فأنس بالعمل معهما كما مع كل الزملاء المذيعين والمخرجين، وقضى في الإذاعة « متعاونًا « خمسة عشر عامًا يحتفظ لها بأجمل الذكريات.
** يستعيدُ أولَ حوار مع الأستاذة نجاح – وكان صاحبكم حديث عهد بتخرجه من الولايات المتحدة – حيث استفسرت منه عن الدراسات العليا هناك، وزودها ببعض ما طلبت، ثم حانت دورة إذاعية جديدة فوجد اسمه مكلفًا بتقديم برنامجٍ إخباريٍ يوميٍ اسمُه: (طائر المساء)، وهو برنامج جماهيري اجتذب المستمع بإيقاعه السريع ومواده الطريفة، وقد أعدّه زمنًا الأستاذ عبدالعزيز المهنّا وقدّمه الأستاذ سيد سالم رحمهما الله.
** وجد البرنامجَ مُسندًا للأستاذ محمد بن عبدالعزيز الخنيني إعدادًا، وللأستاذة بدور إسماعيل وله تقديمًا، وللأستاذة نجاح أبا الخيل إخراجًا، ومدةُ البرنامج المقررةُ عشرُ دقائق؛ فكنا نسجل حلقات الأسبوع في حجزٍ واحد، بل نؤمِّنُ حلقات إجازة الصيف عبر «حجوزاتٍ» احتياطية؛ فلم تُعدْ حلقةٌ ولم تتأخرْ أخرى ولم ينُبْ عن أسرة البرنامج « الرباعية « أحد، وظلَّ الأمرُ عشرةَ أعوام حتى قرَر صاحبُكم اختتامَ تعاونه مع الإذاعة فأُسند تقديمُه إلى سواه، والظنُّ أنه لم يستمرّ طويلًا فتوقف.
** وفي موقفٍ طريف يذكر أن أحد طلبته في معهد الإدارة – عرفه من صوته فسأله خلال محاضرةٍ له ضمن جدوله التدريسي – «هل أنت مذيع «طائر المساء؟» وتواصل معه كثيرون راق لهم البرنامج فصاروا من سامعيه، والمتوقع أن لانسجام أسرة البرنامج بقيادة مُعدّه ومخرجته دورًا في «نجاحه».
** كانت «أم فيصل» دقيقةً في عملها، لا تبعثرُ دقيقةً في وقتها، وتحتفظ بنسخةٍ ورقيةٍ من مادة البرنامج للمتابعة، وقد تُغيّر في النص إذا لم يرقْ لها إيقاعُه، وقد استبدلت بكلمتي « الذكر والأنثى « - إذا وردتا في سياقٍ إخباري- كلمتي: «الرجل والمرأة» أو «السيد والسيدة» مقتنعةً أن لهما موقعًا مختلفًا عما وظفا له.
** قدّمت (نجاح أبا الخيل) أو المخرجة الأولى في الإذاعة عطاءاتٍ نوعية، وامتد الطريق بها حتى صارت مدربةً إذاعيةً ومحكِّمةً في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، ولعل أقسام الإعلام لبناتنا تستفيد من خبرتها الممتدةِ والمُمِدّة.
** الإعلامُ مهارة.