أولَد امرأة بقلب أكبر من الحياة وألم أقوى من الموت، وأكبر حاملةً معنى الوجود وأسئلة الطريق، أصير أماً أختاً حُباً دفئاً بيتاً كتاباً ومدرسةً، أصير ما لا يصيره كل ما في هذا الكون الفسيح.
أولد امرأة، بعينين تقرآن الحزن المشوب في الوجوه، تسمع البطون التي تتلوى من جوع، بيدين تشفي ما في الروح من أسى ووجع، أولد رسولة من الله للجمال للسكنى للحياة، هذه عيناي التي تراني فلا انظر لمرآتك التي تعكسني.
أولد امرأة ببطن الأمومة الذي يتسع للعالم، الحضن الذي يغمر البحر بعاطفته ويسابق الشجر بثماره ويجابه الشمس في دفئه، وفيه يعزّي العالم الشنيع نفسه عن الحروب والآثام، حيث يغمض عينيه وينام. هذا البطن ضعفي الأقوى الذي أنزف كل شهر منه ولا أموت بل ألد وأولد ويحيا الكون وتكمل الأرض دورتها.
أولد امرأة مقهورة مظلومة مكلومة في أحايين عديدة مكبلة بالصمت إجباراً في ظاهرة اختيار، مخبأه عن أعين السماء عن الهواء والبحر والشمس، فاشحذ أسلحة العلم والقلم اكتب في ساحات الفن والعمل أكتب ما لا يقوله الجميع عني، ادافع عني لتقرأني امرأة أخرى في أرض لا تسمع فيه حتى صوت نفسها، اكتب لها ولي ولجدتي وابنتي، اكتب لأورث تاريخي وكياني ووجودي، اكتب لأني ولدت امرأة، فلن اختار بين عقلي وقلبي، أكون جميعها أو لا أكون، أخرج للطرق البعيدة أو أبقى في البيت قريبة لا يغيّرني المحيط لأني المحيط.
أولد امرأة وأنت كذلك، فاختاري نفسك، داري آلامك التي تخشين، واقرئي ذاتك على مسامع الجميع، أن تملأك العاطفة والألم هوية تحملينها وتحملك، تكتبينها وتكتبك، اغمري الأرض واهطلي مطراً من عليائك واصفحي عمن يكتبك بلا إذن منك، وامسحي تاريخ بناه على شعورك لتكتبيه أنت بيديك وقلبك لأنك ولدت امرأة.
** **
- أثير دعباس