خالد بن حمد المالك
لم يكف العرب ما يجري في اليمن من ويلات على أيدي ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، ولا ما يمر بليبيا من فوضى مسلحة تقودها قوى من المرتزقة والأجانب، ومثلها سوريا، حيث تعبث بها الدول الاستعمارية من روسيا وإيران إلى تركيا وأمريكا، ومن حزب الله اللبناني بجرائمه في لبنان إلى عناصر من العراقيين ومرتزقة من كل دول العالم في سوريا، فها هو السودان يعيش حالة من الغليان في خلافات تهدِّد وحدة البلاد واستقرارها، وتعيده إلى دوامة الصراعات الدامية، وفي العراق تتحدث التكتلات الشيعية العراقية الموالية لإيران عن رفضها لنتائج الانتخابات، واستعدادها للنزول إلى الشارع مهما كلَّف ذلك من ثمن، وفي تونس لا تزال القوى المعارضة للإصلاح وعلى رأسها حزب النهضة تقاوم رئيس البلاد وبرنامجه الإصلاحي للقضاء على الفساد ومنع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية، وكأنها بذلك لا تمانع بأن تعيد تونس إلى دوامة من الصراعات الدامية لتحقيق مكاسبها الشخصية.
* *
يحدث كل هذا، بينما لا تزال التطورات السلبية في العلاقات بين الجزائر والمغرب في تصاعد، امتدادًا لقطع العلاقات، ورفض الوساطات لدمدمة الخلافات، وكأن العرب في كل ما يجري لا يفكرون بأن أحداثًا كهذه لا تخدم أحدًا منهم، وأنها لا تفيد إلا أعداء دولنا، والمتربصين بمصالحنا، والساعين دومًا لتمزيق وحدتها، بتغذية هذه الخلافات، وجعل دولنا في حالة من عدم الاستقرار، بما تشير إليه وتؤكده الأوضاع الراهنة التي تمر بها أغلب الدول العربية في الوقت الحاضر، تؤكده تصدر أوضاعها السيئة الأخبار في مختلف وسائل الإعلام.
* *
ومن المؤسف أن بعض دولنا العربية لا يحسن قادتها ولم توفق حكوماتها في إرضاء شعوبها، وبسبب ذلك فإن هذه الشعوب مهيأة لاستدراجها من قوى أجنبية لإحداث هذا الخلل الذي نراه، بل إنها تستقوى أحيانًا بقوى أجنبية، بحكم أن الميليشيا والمرتزقة هم المسيطرون على القرارات والموجهين للسياسات، وأن القادة والحكومات وحتى الشعوب ليست في وضع يسمح لها بنزع القوة من هؤلاء الدخلاء بعد أن استباحوا الأرض وتوطّنوا ومدوا قدراتهم وإمكاناتهم إلى كل جزء في هذه الدولة أو تلك.
* *
وليس عندي من شك بأن بعض الدول العربية مقبلة إلى ما هو أسوأ، وإلى ما هو مخيف في المستقبل إن لم يتم تدارك العرب للوضع الحالي بمعالجته بإرادة شعبية وحكومات غير مسيرة من دول أجنبية، وإلا فإنها ستكون في المستقبل في حالة يصعب السيطرة عليها، وبالتالي إعادة الأمور إلى ما يلبي مصالح المواطنين، ويحميها من التمزّق والانهيار والذهاب إلى المجهول.
* *
إننا لم نفقد الأمل بعد في تصحيح يتم فيه وضع حد لهذه الأوضاع المزعجة، مع وجود خطورة فيما يجري، ونتمنى على الخيّرين في كل من هذه الدول أن يلجؤوا إلى استدراك ما فات، والعمل بجدية وإخلاص، بعيدًا عن الأنانية، والمصالح الشخصية، فالأوضاع كما نراها لا تبشِّر بخير، ولن يستفيد منها في نهاية المطاف أي أحد منها، إلا العدو والعدو فقط.