د. محمد بن صقر
مع الانفراج الاقتصادي العالمي التدريجي بعد أزمة كورنا وتعافي كثير من الاقتصاديات العالمية وانتعاش التجارة الإلكترونية بشكل كبير تتجه كثير من الأنظار العالمية وأصحاب رؤوس الأموال إلى الاستثمارات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية باعتبارها واجهة اقتصادية وسوقاً سريع النمو ومتنوعاً ويوجد به قوة شرائية هائلة خاصة جانب التجارة الإلكترونية, هذا الجانب المهم من السوق السعودي يعد ميزة تنافسية وجاذبة لكثير من المستثمرين فعلى سبيل المثال بلغ حجم تعاملات التجارة الإلكترونية فقط في المملكة 5.7 مليار دولار في 2020 حيث أصبحت السعودية أحد أكبر الأسواق العالمية في 2019م بسبب الجائحة.
كما أن مؤشر التجارة الإلكترونية العالمي في العام الماضي بين أن المملكة جاءت في المركز الثاني عربيًا و49 عالميًا بين 152 دولة يضمها المؤشر الصادر أخيرًا عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد», ولعل مع هذا الازدياد وحجم السوق يجعلنا نقوم بتفكير بشكل جدي بتحويل بوصلة التجارة الإلكترونية من جانب استهلاكي إلى استثماري عالمي وبناء واحدة من أبرز المنصات العالمية للتجارة الإلكترونية في المملكة وطرح بعض الأفكار العالمية للاستفادة من هذه الفرصة، ففي دولة مثل سنغافورة على مستوى التجارة الإلكترونية من المتوقع أن تصل إيرادات التجارة الإلكترونية إلى 2.8 مليار دولار بنهاية عام 2021.
وبحلول عام 2025، من المتوقع أن يصل سوق التجارة الإلكترونية إلى 7.5 مليار دولار. حيث تمتلك سنغافورة أكبر عدد من شركات التجارة الإلكترونية في المنطقة. وبما أن سنغافورة تركز على اكثر من جانب ومسار للتنوع الاقتصادي التنافسي فأجد من المهم أن التركيز مهم بشكل كبير ومباشر كذلك على طرح بعض الأفكار فيما يخص التجارة لإلكترونية العالمية وأن تكون المملكة بمثابة عاصمة التجارة الإلكترونية وقاعدة الربط بين الشرق والغرب وأن يتم استهداف سوق شمال إفريقيا وأن تقدم خدمات لوجستية وتقنية وتسهيلات لتجار التجزئة لكبرى الشركات العالمية وأن يكون هناك مستودعات لكثير من البضائع وشركات الشحن حيث تعد المملكة محطة مهمة وإستراتيجية وذلك لانفتاحها على جميع الأسواق العربية والعالمية وأيضاً موقعها الإستراتيجي فهي قد توفر الوقت والتكلفة ووضع معايير الجودة على كثير من المنتجات والمصداقية لكثير من العملاء وهذا الأمر يعد من أهم التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية في العالم فإذا قامت المملكة بمثل هذا الدور لكثير من المستهلكين في مناطق أخرى فهذا سوف يعزز من حضورها الاقتصادي على مستوى التجارة الإلكتروني ويفتح فرصاً استثمارية واعدة للشركات السعودية الناشئة واحتكاكها بالشركات العالمية ودخولها لأسواق جديدة, إن هذه الأفكار وإن كانت تحتاج إلى نقاش عميق وموسع فأرى من الضروري دعوة المسؤولين في وزارة التجارة والاقتصاديين وخبراء التجارة الإلكترونية إلى إقامة ملتقى دولي لتوطين الأفكار وبناء نموذج عمل لطريق حرير التجارة الإلكترونية في المملكة.