وفاء آل منصور
أيقنتُ بعد حين من الزمن وإن كان متأخراً بعض الشيء أن التشبث والتمسك بطرف أمل أو خيط من حرير عادة خاطئة وتؤدي بصاحبها إلى الهاوية لا محالة.. كالتمسك بصاحب قديم وكأنك توثق رباط العشرة القديمة برباط الوفاء الأبدي وهو لا يبادلك رباط هذه الصداقة الهشَّة بكافة صورها ومواقفها، أو التمسك برأي يخصك ودفاعك عنه وإثبات صحته تكون أولوية لك كي تمارس احتجاجك ونقاشك وتفوز به دائماً وكأنه شغلك الشاغل أن تنتصر في كل معركة رأي وفي كل مشادة كلامية ظناً منك أنك على حق وأن رأي الآخر ما هو إلا تُرهات ثرثارية لا أكثر.
والتشبث بعادة يومية وكأن يومك سيفشل دونها غير مدرك أن الحياة المجدولة تفتقر إلى الحماس والإثارة فقد بت تعرف ما الذي ستقوم به عن غيره، وتنحاز بيومك في إطار الرتابة وتجعله خالياً من كل التوقعات والصُّدف.
وصور التمسك كثيرة لا تعد ولا تحصى، فما الذي يجعلك تتمسك بكل تلك الأساليب وتجعل منها حتمية ومؤكدة وأنك لن تعيش من غيرها.
أفلت نفسك وروحك قليلاً، بل كثيراً عن كل صاحب لا يقدّر وفاءك وعن كل مشكلة ظنناً منك أن تمسكك بوضع حلول لها سيعالجها، فتركها وشأنها حتى تركد هو حلها الوحيد.
نعم إن في التخلّي التجلّي، لطالما مررت على هذه الجملة في كثير من برامج التنمية الذاتية غير مدركة لمعناها حتى بدأت يظهر لي مدى صحتها مع الأيام وأصبحتُ أفلت روحي من كل ما تعلّقت به تركتها تأخذ وقتها الذي لا أعلمه كي تتحقق لي في وقتها المعلوم والمناسب، وأفلتُ ذاتي كي تسبح في كل جميل في هذه الحياة دون أن أقنن ما الذي علي فعله من عدمه، لا تكن متعلّقاً بغيمة فتتلاشى وتسقط، ولا بهدف يصعب تحقيقه فتكتئب وتتقاعس، ولا بعلاقات هشَّة تحطمك وتكسرك.. كن منفلتاً عن كل شؤونك، وتعلّق بالله جلَّ وعلا، فلديه تتجدّد الحاجات وتتحقّق الغايات.