حمّاد بن حامد السالمي
أتينا في الجزء الأول من هذا المقال يوم الأحد الفارط: 10 أكتوبر الحالي (https://www.al-jazirah.com/2021/20211010/ar2.htm)؛ على ذكر بعض مما درج على ترديده الأخ محمد خليل حلواني بشكل سنوي في مناسبة الاحتفال باليوم الوطني، في محاولة منه لإقناع الآخرين؛ بأن ما يسرده من معلومات- مقروءة أو مرئية أو مسموعة- عن جده وعائلته؛ وإلصاقها بمناسبة وطنية كهذه هي حقائق، دون أي إثباتات صحيحة صريحة مقنعة، ذلك أن الثابت؛ هو أن من طالب بالتسمية الجديدة للمملكة؛ هم 17 شخصية رسمية، من الوكلاء وأعضاء الشورى من رجالات الملك عبد العزيز، كانوا وقتها يصيفون بالطائف، وليس بينهم الشيخ عبد الوهاب حلواني، وأن جلالة الملك عبد العزيز -رحمه الله- لم يزر قصر أبي حجارة في لية، ولم يحضر حفلًا للحلواني بمناسبة التسمية أو إعلانها من أبي حجارة، أو حتى من الطائف، وهناك شهادة من سمو الأمير طلال بن عبد العزيز -رحمه الله- ذكرناها. ومثل هذا؛ ما ذكر الأخ محمد عن دكة الحلواني وغيره. كما رددنا على القول بأن عبدالوهاب حلواني كان المعني بشؤون الملك عبدالعزيز، حيث لم توجد أي وظيفة له بهذا الاسم، ولا تكليف رسمي للحلواني أو غيره بذلك في الطائف أو في بقية المناطق. عبدالوهاب حلواني -رحمه الله- كان مورد خضار وفاكهة للقصور الملكية فقط؛ انطلاقًا من مشيخته لحلقة الخصار والفاكهة، وكانت له دور وقصور يؤجرها على ضيوف إمارة الطائف وكبار الشخصيات، ويقبض الثمن.
نأتي اليوم؛ إلى قول آخر يردده الأخ الحلواني بطريقته في لي أعناق النصوص، لتوافق ما يريد من محاصصة في هذه المناسبة الوطنية، فهو يقول نصًا: (وكان الرحالة والكاتب والأديب محمد عبدالحميد مرداد قد قال في كتابه الشهير «رحلة عمر» أنه حضر عدة حفلات في بستان الحلواني بوادي «لية»، كان أشهرها حفل الانتصار على ابن رفادة، والذي سمي بالفرحة الأولى، وتبعه في التاريخ من 18-5-1351هـ، إلى 23-5-1351هـ، حفل توحيد المملكة العربية السعودية، وتسميتها الجديدة في أول يوم وطني في تاريخ المملكة العربية السعودية بنفس المزرعة. وقد سلط الكاتب الضوء على بعض الأنشطة التي قامت بالمزرعة لعدة أيام وليالٍ بحضور الملك المؤسس وأبنائه: الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والأمير منصور بن عبدالعزيز، والأمير مشعل بن عبدالعزيز، وحامد رويحي، والعديد من رجالات الدولة وقادتها ومسؤوليها، وأعيان الحجاز)..! انظروا مرة أخرى: الملك عبد العزيز وأبناؤه: سعود وفيصل وخالد ومنصور ومشعل..! هكذا يقول الحلواني.
تعالوا نقف على النص الكامل لما كتبه الأستاذ محمد عبد الحميد مرداد في كتابه: (رحلة عمر)، في الصفحة 555 والصفحة 556 تحت عنوان: (رحلات إضافية)، وهو نفس النص الذي نشرته مجلة المنهل في السنة 47 ص201، يقول المرداد ما نصه: (كان بعض أعيان الطائف؛ يدعون الشيخ الرويحي ومن بمعيته إلى ضواحي الطائف، مثل لية والهدة مرات عديدة، ونحن بالطبع ضمن معية المدعو. وفي مقدمة الداعين؛ كان المرحوم الشيخ عبدالوهاب حلواني، كما دعا سمو النائب العام، وقد حضرنا تلك الدعوة، ووقفنا على الكثير من العادات والأناشيد والأهازيج واللعب بالسيوف والسباق على الخيل. وكان سمو النائب العام وأصحاب السمو؛ قد ضربوا المثل العالي في لعبة السيوف والأناشيد الحربية والحماسية وما إلى ذلك - وفّقهم الله- وكانت الدعوة بأرض لية في بساتين الحلواني، وأعظمها حماسة؛ كان في صيفية العام الذي كان فيه المغفور له جلالة الملك عبد العزيز مصيفًا بالطائف آنذاك، وقد كانت الفرحة بالانتصار على ابن رفادة، الذي كان قد خرج بجبال ينبع ومكن الله منه، والفرحة باتحاد وتوحيد الممالك التي كانت تحت الحكم السعودي، إذ جمعت كلها في اسم واحد: «المملكة العربية السعودية»، وقد دام الفرح الذي دعا إليه الحلواني عدة ليال في وادي لية الفسيح. وسيأتي الكلام عنه في حينه إن شاء الله).
إذن.. هذا هو الدليل أو المصدر التاريخي الوحيد الذي يدندن حوله الأخ محمد حلواني، وليته لم يزد عليه ولم يحرف فيه. ونلاحظ من هذا النص الصريح للمرداد؛ إلى أنه لم يشر في باقي فصول الكتاب إلى أي تفصيل أو إضافة حول هذا الموضوع، رغم قوله في نهاية الفقرة: ( وسيأتي الكلام عنه في حينه إن شاء الله )، ولم نعثر على أي إشارة أخرى عن هذا الموضوع في أي مصدر آخر. وبمقارنة النص الأصلي؛ بما يردده محمد حلواني؛ ويحاول أن يوهم القراء به؛ يتضح لنا الآتي:
1 - يقول محمد حلواني بأن حفل الانتصار على ابن رفادة: (تبعه في التاريخ من 18-5-1351هـ، إلى 23-5-1351هـ، حفل توحيد المملكة)..! ومما هو ثابت؛ أن تاريخ إعلان توحيد المملكة كان في يوم 21 -5 -1351هـ - أم القرى العدد 406- فكيف سبقت الاحتفالات تاريخ الإعلان بأربعة أيام..؟! كما أن الملك عبد العزيز غادر الطائف إلى نجد يوم 5-5-1351هـ، وكما تم الإعلان من مكة المكرمة يوم 21-5-1351هـ؛ تم الإعلان كذلك من إمارة الطائف، التي احتفلت بهذه المناسبة في اليوم نفسه- أم القرى العدد 406 . عجبي.
2 - أن الملك عبدالعزيز كان مصيفًا ذلك العام في الطائف كما ذكر مرداد؛ لكنه لم يحضر إلى بستان الحلواني.
3 - لم يحدد مرداد أسماء الملوك والأمراء الذين ذكرهم الحلواني سوى النائب العام، فمن أين أتى الحلواني ببقية الأسماء..؟
4 - لم يكن ذلك أول احتفال باليوم الوطني، وهذا من الخلط العجيب، فاليوم الوطني في ذلك التاريخ؛ كان يوم عيد جلوس الملك عبد العزيز في 8 يناير.
5 - لم يتم إعلان توحيد المملكة من قصر أبو حجارة؛ كما يروج الحلواني في حساباته في مواقع التواصل.
ثم إنه؛ لا أدل على محاولات تغيير الحقائق التاريخية؛ من إعادة نشر تغريدات مضللة، تحوي معلومات مغلوطة، وتغريدات أخرى محذوفة من حسابات جهات؛ بعضها مع الأسف رسمية، وأشخاص انساقوا خلف روايات غير صحيحة، إضافة إلى تبديل القصة من سنة إلى أخرى، وآخرها هذا العام؛ حيث نشرت مجموعة من المواقع والصحف الإلكترونية تحت عنوان: (اليوم الوطني.. الملك فيصل أقره، وقصر أبو حجارة احتضن الاحتفال الأول)..! وهذا- كما هو واضح- عنوان موهم، والخبر فيه مغالطات عجيبة، وكل هذه المحاولات؛ هدفها اكتساب مجد شخصي على حساب تاريخنا الوطني، وفيه افتراءات على الأحياء والأموات؛ وفي مقدمتهم الشيخ عبد الوهاب حلواني نفسه - رحمه الله.
أخيرًا.. حتى نحسم هذا الجدل؛ ونوقف هذه الأسطوانة السنوية المشروخة؛ فإني أدعو (مركز تاريخ الطائف)؛ إلى تنظيم ندوة للمناظرة، يدعى لها البعض من المؤرخين السعوديين المتخصصين، ويطلب حضور محمد خليل حلواني، لكي يقوم بتقديم وعرض ما يدعيه من وثائق تاريخية تثبت ما يردده سنويًا من معلومات مغلوطة تسيء لمناسبة اليوم الوطني، وتسيء للوطن والمواطنين كافة. آمل أن يتحقق هذا عن قريب.
في الختام؛ ما كنت لأكتب في هذا الموضوع؛ لولا أن مناسبة إعلان توحيد المملكة؛ هي مناسبة تاريخية ووطنية جليلة، تهم كل مواطن على التراب الوطني، فهي تستحق الدفاع عنها كما الإشادة بها، أما غيرها؛ فغير مهم عندي، وليس جديرًا بما يُقال أو يُكتب.