عمر إبراهيم الرشيد
أعجبتني جملة قالها مدرب المنتخب السعودي لكرة القدم هرفي رينارد مخاطباً أحد اللاعبين (أن الله وفقك وشاء أن تكون ضمن المنتخب ولست أنا، وسوف تكون والدتك فخورة بك).
وتعرف القيادة بأنها القدرة على تحريك الفريق نحو تحقيق الهدف، ومن أهم تلك القدرات استخراج مهارة كل عضو في هذا الفريق وتوظيفها، وزرع الثقة والانطباع لدى أعضاء الفريق بأن كل واحد منهم كبيرهم وصغيرهم ومن الإداري إلى عامل القهوة، كل له دور في الإنجاز والنجاح، وهذا ما يفجر الطاقات الكامنة التي قد لا يعرف بوجودها بعض أعضاء الفريق في أنفسهم، ولا أقصد بالفريق هنا المنتخب حصراً، وإنما كل فريق عمل أيًا كان مجال اختصاصه. ما ذكرني بموضوع القيادة وأنها صفة تتصل بالشخصية وقدراتها وتأثيرها على الأفراد، هذه العبارة التي وجهها مدرب المنتخب والطريقة التي يخاطب بها اللاعبين وحثهم على تمثيل المملكة بمستوى مرموق، وبالطبع هو يؤدي عمله الذي تم التعاقد معه من أجله، ولكن هناك فارق بين أداء العمل حسب العقد وبين التأثير وترك بصمة تجعل صاحبها من الشخصيات القيادية، ولست هنا أبالغ لأن كرة القدم أصبحت صناعة قائمة بذاتها واقتصادًا له أبعاد ثقافية واجتماعية على مستوى العالم أجمع. لكني أخذتها كمدخل لمسألة الإدارة المؤثرة أو ما يُعرف في علم الإدارة بالقيادة، وأن الجانب النفسي والإنساني هو ما يميز القائد عن المدير، فالمدير الجيد هو من يطبق التعليمات ونظام العمل مع الحرص أحيانًا على حرفية النظام، أما القيادي هو من يستثمر قدرات أفراده كل حسب مهارته مع الاهتمام بالتحفيز والجانب النفسي، وقد وجدت في مشهد مدرب المنتخب وهو يشحن اللاعبين ويوجه إلى بعض اللاعبين تلك العبارات التي تشعرهم بأهميتهم وقدراتهم كالعبارة التي ذكرتها، وجدت مثالاً لتأثير الروح القيادية على الأفراد.
والمسألة لا تنحصر في منتخب أو شركة أو سلسلة متاجر عالمية، بل حتى المطعم الصغير إذا توفر لصاحبه القدرة وحسن قيادة العاملين معه مهما قل عددهم فإن النجاح سيكون حليفه، وكذلك المعهد والكلية، بل ورب الأسرة هو قائد لأفراد أسرته متى ما أحسن قيادة دفة القارب للتعامل مع تقلبات بحر الحياة. وعلى ذكر مدربي الكرة وقد سبق أن تناولت هذا الموضوع هنا من قبل، ولكن تداعي المعاني يجعلني أعيد طرحه فأقول إن شهرة أنديتنا في سرعة تبديل مدربيها مرده إلى ضعف القيادة في الأندية نفسها، وإلى مفهوم البطولات لدى الجمهور وأنها يجب أن تأتي ودون تأخير، فليس هناك تخطيط بعيد المدى ولا صبر حتى يؤتي العمل ثماره، كما وأن كثيراً من المدربين ينقصهم تلك المهارات القيادية التي يأتي العامل الإنساني والنفسي في مقدمتها. ختامًا أقول كما يقول حكماء الإدارة إن المدير القائد هو من يحترم قدراتك قلت أو كثرت ومعها يحترمك كإنسان ودون استصغار لك واستكبار لنفسه، إلى اللقاء.