خالد بن عبدالكريم الجاسر
في صُلب مُخططات ومشاريع رؤية المملكة 2030، وفي صميم عروبتها الفاعلة أمام القوى الخارجية، كانت المسارات التنموية فيها مُتسارعة الخُطى، لأنها إحدى ركائز القوة السعودية، في واقع يعكس توجهاً عصرانياً بين رُكنين عربيين شقيقين، هُما عمودا الخيمة مع إخوانهم في الأمة العربية التي تكاتفت بذكرى انتصار حرب أكتوبر المجيد.. وليتكرر بنفس اللحظة التاريخية، وبوقفة تأملية، على صعيد العلاقات بين القاهرة والرياض، باتفاقية الشبكة الكهربائية وعقود البدء في مشروع الربط الكهربائي بين البلدين بقدرة تصل إلى 3000 ميجاوات وبتكلفة تبلغ نحو 1.8 مليار دولار.
إنه بُعد محوري أساسي من عدة جهات وأطراف، قادها ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، ورؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- ليكون نتيجتها مذكرة التفاهم التي تمت بهذا الخصوص في دلالة واضحة لعُمق القيادتين بالرياض والقاهرة، كونِهما النواة القوية لربط عربي مُشترك، بين أكبر شبكتين كهربائيتين في المنطقة كلها، وأكبر اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط، في وقت تضطرب فيه أسواق الطاقة العالمية، لا سيما أوروبا المريضة، التي تعصف كورونا والخلل الاقتصادي خاصة النفطي.. لذا كان لتضافر الجهود العربية أهمية، فرضت عليها تجنب تلك الاختلالات الجوهرية وعمقت جذور التعاون، والتكامل الإقليمي وصولاً إلى الأطر الدولية، وفي عالم مُتغير لحظاته.. لينتقل مشروع الربط الكهربائي العملاق بين مصر والسعودية، للتعاون مع دول العالم لاحقاً، كما أشار وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان.
إنها أُخوة حقيقية تسعى يوماً تلو الآخر لترسيخ العلاقات العريقة والمُتميزة، ولتحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين، فضلا عن المسارات التنموية الآُخرى، وتوفير استدامة الطاقة التي تُعزز في الواقع التوجهات الخليجية كلها إلى الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين كل من قارات العالم لا سيما القارتين الآسيوية والأوروبية وبأعلى المعايير المطلوبة.
إنها المملكة ورؤيتها الحالمة يوماً بعد يوم، تمخر بسفينتها عالم ذات أمواج متلاطمة بتحدياتها الاقتصادية، وأسواق نفطها الموبوء بانهياراته، ليحمينا الله بإداراتنا السياسية لملفات عدة تُبعدنا عن دائرة الاعتماد على النفط كمورد رئيس للدخل بصورة تدعو للتأمل، وبشهادة عالمية ومؤشرات دولية وهيئات مالية كُبرى، جعلت تحوّلنا إنجازات واقعية على أرض مهما بلغت الصعوبات أو التحديات.