يحلو للبعض إطلاق التهم دون أدلة إثبات بأن كثيراً من تجارب الشاعرات الشعبيات مزيَّفة وأن هناك من يقف خلف بروزهن ويكتب لهن من الشعراء وهذه أسطوانة مشروخة لا تعنينا هنا واستحضارنا لها في الطرح تفعيل لمقولة (الشر يعم والخير يخص) بحيث أصبحت هذه التهمة تطال الكثير من الشاعرات ظلماً بينما هناك شاعرات شعبيات منذ مئة عام لهن شوارد من الشعر تفوقن في مضامينها على كثير من الشعراء منهن ما وردت أسماؤهن في كتاب (شاعرات من البادية) لمؤلفه عبدالله بن محمد بن ردّاس مثل الشاعرة حصة العنزية التي جسّدت معنى الحب الشريف وأصبح قولها ترويه الأجيال:
لو كان باب العشق للناس مفتوح
نحمي شرفنا مع رجالٍ علينا
وكذلك أصبح بيت شعر شعبي من قصيدة شهيرة للشاعرة نورة الحوشان مضرب مثل متداول منذ عشرات السنين:
اللي يبينا عيّت النفس تبغيه
واللي نبي عَجْز البخت لا يجيبه
وكذلك في الحكمة بيت للشاعرة الدقيس يكاد يعرفه كل من له صله بمعرفة الشعر الشعبي:
من لا استشارك لا تبدّي له الشور
ومن لا يودّك نور عينك فراقه
ومن شعر الوجد المؤثر تداولت الأجيال قول الشاعرة نافعة المطيرية:
وجدي عليهم وجد من طاح مكتوف
بنحور قومٍ ولّعوا فوقه النار
وعن ذم النميمة التي حاربها الدين الإسلامي الحنيف والمجتمعات الكريمة ومكارم الأخلاق منذ الأزل قالت الشاعرة شلشا البقمية بيت لطالما تمثل به الناس في مواقف عديدة:
جعلكم يا اهل النقيلي تذهبونِ
مالكم مصلوح مير انه قراده
ومن أرق وأعذب أبيات شعر الغزل منذ عشرات السنين قول الشاعرة صيته التميمية:
ياما حَلى شوف العشير لعشيره
لا صار ماجَا بين الاثنين ميعاد
ما ذكرته من نماذج شعر متميزة على سبيل -المثال لا الحصر- كما أن الأجيال المعاصرة بينهن شاعرات متميزات مثل عابرة سبيل وأغاريد السعودية وشواهق نجد -هيله القحطاني- وفتاة نجد وغيرهن لذا يجب إنصاف كل التجارب المتميزة وعدم خلط الحابل بالنابل بين النقد الذي هو فن أدبي مستقل والآراء الانطباعية.
أُشير أيضاً إلى من خلط بين النجومية والتميز في الشعر وهذا موضوع آخر سأتناوله لاحقاً ومن نجمات الساحة الشعبية بشاير الشيباني ونجاح المساعيد ونهى نبيل وغيرهن.
** **
- محمد بن علي الطريّف